حين يسقط القناع .. "المتشعبطون" على أطلال السلطة
محمود الدباس - ابو الليث
03-09-2024 10:56 AM
في كل حقبة.. نجد من يُمسك بزمام السلطة.. ويقف على رأس الهرم.. صامتاً.. لا يُبدي رأياً.. ولا يعترض على مسار الأمور.. ثم بمجرد خروجه من دائرة القرار.. يتحول إلى ناقد حاد.. متحدثاً عن الفساد وكأنه اكتشفه بعد أن خلع عباءته الرسمية..
هؤلاء ليسوا سوى "المتشعبطون".. الذين لا ينطقون إلا عندما يتوقف تدفق المنافع.. في محاولة يائسة للبقاء تحت الأضواء بأي ثمن.
تُرى.. لماذا صمتوا طويلاً وهم في قمة السلطة؟!.. لماذا لم يُخرِجوا ما في جُعبتهم وهم يملكون كل أدوات التغيير؟!.. هل كانت تلك المناصب قد أغلقت أعينهم وأصمت آذانهم؟!.. أم أن الشهية المادية.. والمنافع الشخصية.. كانت تحكم عليهم بالكتمان؟!.. هؤلاء المتلونون.. الذين يلبسون قناع الإصلاح بعد أن ضاقت عليهم السبل.. يكشفون عن وجوههم الحقيقية عندما يصبحون خارج دائرة المكاسب..
وما يزيد الطين بلة.. وعلى سبيل المثال الذي هو حديث الساعة.. فإن بعضهم قضى سنوات في حرب لا هوادة فيها ضد الأحزاب.. ولما أُبعد عن منصبه.. ولم يجد من يستقبله في موقع جديد.. تحول فجأة إلى مدافع عن تلك الأحزاب.. بل واتجه نحو الأحزاب المعارضة.. ليُعلن عن نفسه وكأنه "المُنقذ".. في رسالة مشفرة للدولة مفادها "احتضنوني.. وإلا سأكون ضدكم"..
لكن لو كان هؤلاء فعلاً يؤمنون بما يقولون.. لكان الأولى بهم أن يستقيلوا من مواقعهم عندما كانوا يرون الخطأ ولا يستطيعون تغييره.. أما أن يصمتوا طويلاً.. ثم يتحدثوا بعد فوات الأوان.. فهذا ليس سوى خيانة لضمائرهم.. وضحك على ذقون الناس..
"المتشعبطون" لا يمكنهم أن يُخدعوا الجميع.. فالتاريخ يُسجل.. والناس لا تنسى.. ومن كان شريكاً في الفساد.. لا يحق له أن يُنصب نفسه قاضياً بعد أن خرج من اللعبة.. فالوطن لا يتحمل هذه الألعاب المكشوفة.. ولا يمكن أن نسمح لهؤلاء بالتحايل على ضمائرنا بحجج واهية..
إن الوطن بحاجة إلى من يملك الجرأة والشجاعة ليقول الحق وهو في موقع المسؤولية.. لا إلى من ينتظر الفرصة لينقلب على ما كان جزءاً منه.. فلا تحاولوا بيعنا الوطنية بثمن بخس.. فالشعب أذكى من أن يُخدع بهذه الأقنعة المستهلكة..
حمى الله الأردن من المتلونين والمتشعبطين.. ورفع شأنه بصدق أبنائه.. وحرصهم على حماية هذا الوطن من كل متسلق أو متشعبط يبحث عن منفعة شخصية..