تكشّفت الحقائق.. بِتْنا نعرف ما علينا وما لنا.. من معنا ومن ضدّنا.. أيْقنا أنّ الأوطانَ متطلّبةٌ لا ترويها إلا الدماء الزكيّة الطاهرة النابضة بالإيمان وحب الأوطان..
في اليوم 333 صارت فلسطين كلّ فلسطين أقرب.. والحق أبقى.. والفرار يوم الزحف عارًا لن تغسله كل ماكينات الإعلام المأجور لأنظمةٍ مُعيّنةٍ من طغمةٍ تحكم العالم المسلوبةَ إرادتُه.. المنزوعةَ كرامتُه.. الآفلةَ نضارتُه..
في اليوم 333 لا أحد، بعد الله، إلا الفدائيّ، وبأمرِهِ، وتحت عينيّ حمايتِه.. لا ساتر إلا السلاح.. لا ضامن إلا المقاومة.. لا شرف إلا الشهادة.. لا وعيَ إلا الجذريَّ منه المستلَّ معارفَه من أعينِ المستحيل.. القابضَ على جمرِ المُغايرة.. الطالعَ من شرفاتِ الأصالة أيًّا كان مصدرها: خيمةً، أو قصرًا، أو كتابًا قديما.
في اليوم 333 يا أطفال غزّة لا تسامحونا؛ الشهداء الأحياء منكم، والأحياء الطاعنون في الأسى.. يا صغيراتنا التائهات مثل ظعنٍ يمشي في دروب شتاتٍ لا ينتهي، في عيونكنّ الحكايةُ كلُّها؛ متنها وهوامشها، وما تبقى من صدور آبائكنّ وحنان أمهاتِكن، في نظراتكنّ ما يسقطني أرضًا.. خجلًا.. قهرًا.. عجزًا.. وجلًا أن تنطقن باسمي بوصفي واحدًا ممن خان واجب الفزعة لكُنَّ، أو باسم ابني شقيقي جاري وزيري رئيسي ابن عروبتي التي شاخت رغم أن صيحتكنّ لا تشيخ.. من شيحِ غزّة اُكبرن، لا تطلبن المَدَد، ولا تنتظرن الرجال.. من الشهد الذي في عنب الشيخ عجلين.. من التين.. من سورة "النساء" وقذيفة الياسين.. اكبرنَ كما ينبغي للحياة الحرّة الأبيّة النديّة أن تكون.. كما جاء في سورة "المؤمنون".. وحين يكثر الطاعنون تواريْن خلف مواصي البلاد.. فحرق الخيام من عدوٍّ حاقد أرحم من مرارةِ الحسرةِ على نجدةٍ لم تجيء.. ويبدو أنها لن تجيء..
في اليوم 333 تكاثر حولنا المحلّلون ومات من يحرّمون طعام الجُبناء.. عمّت البلادة وجاف عيون زينب النوم.. يا بنت غزّة لا أنت سبيّة ولا نحن كفلاء دمٍ بكلِّ هذا السموّ.. احملي الماء للصغار في مدرسة الخيمة، فتلك مدرسة تعلّم الأكارم في أرض هاشم أنهم وحدهم في هذا المدى المفتوح للأعداء والنسيان.. أمّا الأعداء فهم أوضع الكائنات.. وأمّا النسيان فهو وهمٌ يتشهّاه من أوكلنا لهم أمرنا يحسبوننا سمكًا بلا ذاكرةٍ ولا فُرَصٍ ممكنةٍ للنّجاة.
في اليوم 333 لن ننسى ولن نسامح ولن..