لقاء الملك .. الاصلاح السياسي مطمئن .. الوضع الاقتصادي خطير
فهد الخيطان
11-05-2011 03:58 AM
غياب العقل الاقتصادي ودور سلبي لوسائل اعلام .
في لقاء ثري بالمعلومات والتحليل عرض الملك عبدالله الثاني لرؤساء تحرير صحف يومية ومدراء الاعلام الرسمي ونقيب الصحافيين امس صورة المشهد السياسي والاقتصادي الاردني, والتطورات الجارية في المنطقة, ودور الاردن على المستويين العربي والدولي في المرحلة المقبلة.
لكن ثمة استخلاصات مهمة ينبغي إطلاع الرأي العام عليها. وسأحاول قدر المستطاع ان اعرض هذه التصورات في اكثر من مقال .
هناك شعور بالارتياح الكبير تجاه مسار عملية الاصلاح السياسي, فخلال اسابيع ستنتهي لجنة الحوار الوطني من انجاز قانوني الاحزاب والانتخاب, بينما تعكف لجنة مراجعة الدستور على انجاز مهمتها بشكل سلس. والمجال كما هو واضح مفتوح امامها لاجراء اية تعديلات على مواد الدستور تخدم حاضر ومستقبل الاردن. وفي هذا الصدد ليست هناك ممانعة على مراجعة المادة المتعلقة بمحاكمة الوزراء بحيث تناط المهمة بالقضاء وليس مجلس النواب, وانفتاح على اضافة نصوص تعزز قيم الحرية الصحافية في صلب الدستور.
مسار الاصلاح السياسي اذا آمن ويسير وفق الخطة. لكن القلق الذي بدأ يتحول الى كابوس فمصدره الوضع الاقتصادي.
تفاقم العجز المرشح ان يبلغ 3 مليارات دولار نهاية العام وغياب العقل الاقتصادي للحكومة يضعان البلاد امام مأزق كبير.
هناك امل كبير بالحصول على مساعدات, لكن المبلغ المتوقع لن يحل سوى مشكلة فاتورة النفط, وفي غياب "عقل اقتصادي" للحكومة تبدو المشكلة اصعب.
ليس هناك اتفاق على اسلوب ادارة المساعدات الخارجية, البعض يريدها لزيادة الرواتب فقط بدلا من توظيفها في سد العجز وايجاد مشاريع انتاجية صغيرة تساهم في الحد من مشكلة البطالة وتوفر دخلا ثابتا للأسر المحتاجة.
التراخي او الخوف على "الشعبية" سيفاقمان الأزمة الاقتصادية في البلاد وعندها لن نفاجأ اذا ما عاد الناس الى الشوارع من جديد.
تجاوز الازمة الاقتصادية لا يكون بالمساعدات فقط, هناك حاجة لاستثمارات خارجية تستوعب ما يزيد على 150 الف طالب عمل كل سنة.
الاستثمارات الخارجية تعرضت لنكسة في الفترة الاخيرة وهناك من رجال الاعمال من يفكر بالخروج ولذلك سببان: العقلية الحكومية المعادية لرجال الاعمال والمستثمرين والدور السلبي لبعض وسائل الاعلام في تشويه صورة الاردن والمستثمرين.
في دول خليجية مثلا هناك "عتب كبير" على الاردن من اتهامات الفساد التي تلقى جزافا في وسائل اعلام بحق مستثمرين خليجيين.
الانطباع السائد ان سمعة الاردن في الحضيض بسبب وسائل الاعلام التي تمكنت من خلق صورة سلبية عن الاردن كبلد فاسد. هذه الصورة لا بد من تغييرها ومن دون ذلك فلا امل يرتجى باستثمارات جديدة.
والخوف من الوقوع في شبهة الفساد جعل المسؤولين في حالة رعب غير قادرين على اتخاذ القرار.
بصراحة اكثر, هناك حالة من عدم الارتياح للأجواء السائدة, ولدور بعض وسائل الاعلام خاصة "الالكتروني" في تشويه صورة الاردن, التي جعلت كل مسؤول او مستثمر ورجل اعمال فاسدا ومتهما.
ذلك لا يعني بالطبع عدم وجود فساد او ارادة لمكافحته, وتكفي الاشارة هنا الى الملفات التي احيلت مؤخراً الى هيئة مكافحة الفساد وملفات اخرى مهمة في الطريق. وفي هذا المجال لا يمكننا ان نتجاوز قضية سفر السجين خالد شاهين للعلاج في الخارج وما اثير حولها من اقاويل. التكليف لهيئة مكافحة الفساد في هذا الشأن واضح وصارم "يجب التحقيق في كيفية مغادرة شاهين البلد ومحاسبة من لعب دورا في ذلك" فما حصل كان بمثابة "قنبلة" انفجرت بوجه الدولة في وقت كانت فيه الامور تسير بشكل حسن.
البلاد بحاجة الى مليارات لا إلى مليار واحد لحل مشكلة العجز, لكن تجاوز الازمة الاقتصادية يتوقف على قدرتنا في خلق مناخ جاذب للاستثمار لا طارد له.
وللحديث بقية.
fahed.khitan@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)