منذ ان تفتحت عيناي على الحياة ووصلت بعض حواسي الى درجة من النضج الذي يسمح بترجمة اللغة ويعي المقصود بالكلمات التي تعبر عن الأفكار والأهداف والمقاصد وانا اسمع بعض الكلمات والجمل لكني لا ازال غير قادر على فهمها.
الجمل والكلمات التي ترد على هيئة "آن الأوان" و"حان الوقت" و"اكثر من اي وقت مضى" و"اصبحت الحاجة ملحة" و"عند هذا المنعطف الخطير" جمل وكلمات قد تساعد قائلها على جلب اهتمام المستمعين او لاكساب موضوع حديثه اثارة وأهمية.. فجميع الاوقات مهمة ولا يمكن مقارنة لحظة بلحظة او زمان بزمان فكل الأشياء بنات لزمانها..
ربما يكون لهذه الكلمات والمفاهيم دلالات ومعان مفهومة اذا جاء الحديث عنها في سياق الزراعة. فالزراعة تخضع لمواقيت والعمل فيها محكوم بجداول زمنية فرضتها طبيعة النباتات ودورات نموها وازهارها واثمارها.
جميع النباتات لها دورات خاصة بالنمو ترتبط بمواقيت تحسب بالايام والاسابيع تبدأ بغرس البذرة او العقلة وتستمر الى ان تبرعم فتزهر ثم تثمر وتطيب لتصبح يانعة فيحين قطافها.
في استعارة الساسة للغة الزراعة من اجل تحفيز الناس على تأييد ما يقومون به إشارة الا اننا موسميون في تفكيرنا وتدبيرنا يحكمنا ايقاع ما حولنا .
المتابع لما يجري على اراضي المهرجانات الانتخابية لا يرى شيئا يبهج .فالجميع يحتفل على طريقة الاعراس طبول وخطابات ونحر ابل وفزعة عشيرة واستحضار لامجاد ولا شيء يخص المستقبل.
الانتخابات الاردنية اليوم لم ولن تقدم شيئا من الذي نرجوه فالاحزاب باهتة في حديثها وخطابتها وغير مقنعة ولو استبعدت الظلال غير المرئية لحضورها لما اقنعت كوادرها.
المرشحون في القوائم يتكلمون عن انفسهم ويعرضون صورهم ولا شيء يذكر عن برامجهم ...والنماذج للقيادات التي تقدم الدعم وتقفز بين المقرات لا حضور مؤثر لها وتشعر ان من يتكلم شخص بجانب كل واحد منهم ...
استغرب كيف فكر الذي خطط لهذا المشهد وما الذي دار في خلده يوم أعاد تغليف او تعليب أشخاص بلا حياة ليحثوا الناس على التصويت والاختيار .
هويات العشائر تخضع لعمليات انعاش وترميم وصيانة واستنهاض اعمالا للعصبية لا إيمانا بقدرات مرشحيها. والناس تتندر سرا وجهرا على ما يدور في مجتمع كان المنى ان يستثمر المناسبة لتشخيص التحديات ووضع برامج يتنافس عليها الجميع ويصبح الاردن ورشة وطنية تهيئنا جميعا بالوعي لدخول مستقبل نكون فيه أكثر يقينا بقدرتنا على حماية بلدنا وبناءه بما اتينا من قدرات وامكانات ذاتية ...
اظن ان الوقت لم يحن بعد....