لقيني شاب محترم بعد صلاة الجمعة وطلب الوقوف معي لدقائق فقال : نِعَمُ الله عندي لا تعد ولا تحصى ، مال وأسرة وصحة ، ولكنني أتألم لما يجري في غزة من ذبح لإخواننا صباح مساء في جريمة مستمرة أهلكت الزرع والضرع والحجر والأهم البشر ، وهذا هو ألمي فماذا افعل ؟ لمست فيه العاطفة والصدق والغيرة والأصالة والإنسانية والدم النقي لكن ما باليد من حيلة الا دعم الناس هناك بكل الطرق الممكنة فقد نص اسلامنا على الجهاد بالمال ، وأن من جهز غازيا" فقد غزا ، اما أكثر من ذلك فغير ممكن الان .
نعم شعور هذا الرجل هو شعورنا جميعا" ، وربما بعضنا لا يكتفي بما قلت لهذا المحترم الطيب المشتعل عاطفة وغيرة ، ولهذا يبدأ غير الراضي بالشتم والسب والمطالبة باختراق الحدود والهجوم على يهود ولا يدري هذا المتهور انه سيدخل ويدخلنا معه في أتون معركة لم نعد لها العدة ، وما العدة التي يمكن أن نعدها وسلاحنا من الغرب الواقف بالطول والعرض مع الصهاينة ، انه الغرب الذي لا يأبه لصداقة ولا علاقة بل هدفه مصلحته التي تقتضي دمارنا وعلو الصهاينة . المتهور سيصطدم بالجندي الأردني الطيب المكلف اليوم بحماية الوطن من مخدرات إيران في الشمال والشرق ، هذا الجندي لا يزايد عليه احد فقد حارب عام ٤٨ وعام ٦٧ وعام ٦٨ وعام ٧٣ وقدم الشهداء ، وإذا قال له المسؤول السياسي حارب فسوف يفعل .
نحتاج لمنطق ثالث في الأحداث الجارية وهو منطق يحترم العاطفة ولكن لا ينطلق منها وحدها ، انه منطق يؤمن بالغيرة ولكن يبرمج لها ولا يسير خبط عشواء ، منطق يحسب بدقة ولا يبحث عن بطولة مزعومةومدح زائف دون ادراك العواقب والنتائج .
لنكن صرحاء ولنمسك الورقة والقلم لنعلم عدد السنين والحساب فنحن أمة إقرأ، ونحن أمة واعدوا وليست أمة اهجموا دون إعداد ، ليست أمة الغارة والهياج بل أمة الدقة والعقل واللب والحجى " أفلا تعقلون " لا توصلوا الناس بعواطفكم إلى لحظة القول
" أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض" . لقد حارب العرب عام ٦٧ يريدون حيفا ويافا فضاعت الضفة الغربية ، وصرنا نطالب بنابلس والخليل ونسينا حيفا ويافا ، وإذا حصل مكروه للأردن فسوف نطالب بعودة السلط والكرك وإربد وننسى نابلس والدليل. انتبهوا فالمخطط رهيب من مثلث الأعداء : الغرب والصهاينة والملالي .