حولوا من ارصدتكم لحساب الاخرة
علي السنيد
01-09-2024 02:32 PM
الملايين والمليارات والأرصدة في البنوك والعقارات والفلل والاراضي وكل المتعلقات المادية مهما امتدت، واتسعت لا تدوم لاحد مهما عاش على هذه الدنيا، ومهما كان الثراء فاحشا فليس للإنسان من ماله الا ما استخدمه في احتياجاته سواء كانت مشروعة او غير ذلك، وسيحمل آثامها الى يوم القيامة، وهذا ما سيفنى.
والمال الباقي هو ما يقدم في اعمال الخير، والبر، والإحسان ، وسيجده المحسنون في انتظارهم في العالم الاخر الذي تسير اليه البشرية مرغمة، وحتف انفها.
وكل منا له حساب في الاخرة، وسيذهب اليه مهما طال بقاؤه في الدنيا، ويستطيع ما دام حيا ان يحول من املاكه الدنيوية الى حساب الاخرة ليسعد به عندما يرحل لا يلوي على شيء، ويدفن في متر من التراب.
وهنالك قد يجد بعض أصحاب الملايين والمليارات حسابهم مصفرا حيث لا ينفع الندم.
اسوق هذا الحديث وقد اطلعت بحكم طبيعة عملي، وتواصلي الاجتماعي على كثير من الماسي لأناس فقدوا استقرارهم النفسي والروحي بسبب غائلة الفقر ، والحرمان، في حين تصرف الأموال الطائلة لدى البعض في التفاخر والمظاهر الاجتماعية البراقة، والتي كان يمكن لها ان تسد حاجة الاف الفقراء ، والتخفيف من عذاباتهم..
ومن حكمة الله ومقتضيات الامتحان الرباني ان الناس يتفاوتون فيما يملكون فمنهم من يحوز على الثروات الهائلة، ومن البشر فئة المساكين الذين تقصر قدرتهم عن تأمين متطلبات العيش الكريم لهم ولأسرهم الفقيرة.
ولذلك تقع مسؤوليات كبيرة على الأغنياء في تخفيف اثار الفقر والحرمان في مجتمعاتهم، وان يتركوا اثرا كبيرا في اعمال الخير والبر والإحسان، وهذه من مقتضيات الوطنية الحقة.
لا شك ان الدولة الأردنية على ضعف امكانياتها تقدم رعاية اجتماعية لنحو ربع مليون اسرة فقيرة تتولاها من خلال صندوق التنمية الاجتماعية برواتب شهرية مستمرة، وتطرد عنها قسوة الظروف، وحلكة الحياة.
ولكن الفقر قضية مجتمعية، ونحن اخوة في الجذر الإنساني، وفي المجتمع الواحد، واخوة في الدين الذي جاء لتخليص النفس الإنسانية من شوائبها، ومتعلقاتها المادية، ولو وعى الانسان حقيقه خلقه في هذه الدنيا لكان ادرك الخديعة التي يعيشها في اوهام التملك، وكنز الأموال ، وحب الشهوات، ومطاردة أوهام الدنيا الفانية، وينسى ان غاية خلقه انما كانت في اجتياز المعيقات التي يبثها الشيطان في طريقه لمنعه من الارتقاء الروحي، والوصول الى المستوى الذي يقبله الله تعالى بعد رحلته في هذه الحياة الدنيا.