الوعي بمفهوم الحملة الانتخابية للمرشح النيابي
د. تمارا زريقات
01-09-2024 12:56 PM
نشهد في هذه الأيام ماراثون انتخابي بين المترشحين والأحزاب للوصول إلى مقاعد البرلمان؛ وفي خضم هذا التنافس الديمقراطي يلجأ المرشح أو الحزب لتكثيف جهوده للفوز بالمقعد البرلماني، والتركيز على حملته الإنتخابية ويستخدم كافة الوسائل والأدوات لنجاح حملته في إقناع الناخبين ببرامجه الانتخابية.
وهذا ما يبرر الازدحام الذي نشهده على مواقع التواصل الاجتماعي وحتى في الشوارع والساحات والأرصفة لصور المرشحين ،للتعريف بالدائرة ورقم المرشح في الدائرة، وشعار المرشح والقائمة؛ فالحملة الانتخابية مجموعة الأنشطة التي يقوم بها الحزب أو المرشح السياسي بهدف تزويد الناخبين بالمعلومات عن برنامجه الانتخابي وسياسته وأهدافه.
ويعد التسويق السياسي والإجراءات والتكتيكات الاستراتيجية التي تتخذها الأحزاب السياسية أو المرشحين وسيلة غايتها عرض البرامج السياسية للمترشحين على (الجمهور)، بالاعتماد على وسائل وأساليب متنوعة من المفترض ان تأخذ بعين الاعتبار تطلعات الناخبين واحتياجاتهم لتوجيه سلوكهم الانتخابي، ويبقى أساس العملية التسويقية قائماً على لغة خطاب رصينة وبرامج قابلة للتطبيق تحاكي الواقع وتتناول هموم المواطنين بغية كسب قبول واستحسان الناخبين والحصول على نسب تصويت ومشاركة مجتمعية مرتفعة.
وتتناسب المشاركة المجتمعية بدورها بشكل طردي مع زيادة الاهتمام السياسي والوعي والمعرفة وهو ما ينتج عنها ارتفاع نسبة احتمالية تغيير السلوك التصويتي للناخبين، إذ أن التعرض للحملات الانتخابية يزيد ارتباط الناخب بالعملية السياسية ككل، وبالمرشحين والأحزاب السياسية على وجه الخصوص.
وتكمن أهمية الحملات الانتخابية في إسهامها بالتعريف بالمرشحين ومواقفهم السياسية، وكذلك سد الفجوة الناتجة عن ضعف ارتباط الأفراد بالمواضيع السياسية بشكل عام في الحياة اليومية خارج المدة الانتخابية؛ إذ أنه ومع التعرض المكثف يرتفع منسوب الوعي الاجتماعي وتتشكل نخب من قادة الرأي العام الذين بدورهم يقومون بجذب أكبر شريحة من الجمهور إلى المشاركة الفاعلة عبر التأثير بهم وصياغة توجهاتهم، حيث تندمج التصريحات السياسية للمرشحين والكيانات الحزبية المُشارِكة في العملية الانتخابية مع اختيارات الناخبين، على الرغم من أن احتمالية النسيان لهذه التصريحات بشكلها وطريقتها التي تم تقديمها لهم أمراً شائع الحدوث، إلا أن التقييم والإنطباع المترسخ لدى الجمهور بعد هذه التصريحات يبقى لديهم إلى مراحل متقدمة، مما يساهم في بلورة خيارهم السياسي عند عملية التصويت.
ومن أهداف الحملة الانتخابية مساعدة المرشح في تحليل النشاط الاقتصادي للدائرة الانتخابية والتركيبة الاجتماعية والاحتياجات الإنسانية ومشاكل المواطنين، واستخدام أفضل وسائل الاتصال الجماهيري لتوجيه سلوك الناخبين حسب المستوى الثقافي لضمان المشاركة الشعبية الواسعة مع الاستخدام الاقتصادي الأمثل للموارد المتاحة، لمساعدة المرشحين والأحزاب في أداء دورها الوطني وتنوير وتنمية المجتمع والتوعية بحقوق وواجبات المواطن، للارتقاء بمستوى الخطاب السياسي للمرشح.
مما سبق دعوني أطرح تساؤل حول ما نشاهده في الشوارع والأرصفة من صور للمرشحين كجزء من حملتهم الانتخابية، هل يعتقدون سلفاً أنها ستكون لها تأثير على السلوك التصويتي للناخبين؟ والشعارات التي تم رفعها هل تتوافق مع البيئة الانتخابية وحاجات الناخبين؟
إن الإجابة عن هذه التساؤلات يقودنا لمعرفة الدافعية العالية للقائمين على الحملات الانتخابية؛ ولذلك نجدهم دائماً يسعون لصياغة تصريحات المرشحين وفق أطر معينة تتناغم مع توجهات الجمهور، أو تستفز أفكارهم وآليات إصدار الأحكام لديهم.
ومن المفترض والمنطقي أن تلتزم الحملات والشعارات الانتخابية بأُطُر لاتخرج عنها من ضمنها أن تكون انعكاساً حقيقياً للواقع، وتلتزم في التعبير عن هموم المواطن الأردني الحقيقة اجتماعياً واقتصادياً وتربوياً، وتجنُب طرح الشعارات أو الرموز الفضفاضة البعيدة عن الواقع الوطني أو المنسلخة عنه؛ فالمبالغة في رفع سقف التوقعات حول قدرة المرشح على التغيير في الانتخابات السابقة تركت صورة ذهنية سلبية لدى المواطن وزادت من عزوفه عن المشاركة في الإنتخابات البرلمانية.
كلنا أمل ومتفائلون بأن يكون المجلس القادم مختلف من الناحية الإيجابية وقادر على القيام بدوره في مواجهة التحديات التي تواجه وطننا سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي؛ تغلب فيه المصلحة العامة على كل المصالح، وبأن تضم القبة تحت مظلتها مشرعين ورقابيين أكْفاء، وبالطبع هذا لن يتحقق إلا بالمشاركة في العملية الانتخابية والنزول لصناديق الاقتراع والتصويت لمن يستحق؛ ولمن يقدم مصلحة هذا الوطن وأهله على مصلحة حزبه ومصالحه الشخصية؛ ولمن يجسد معاني الانتماء للأردن وقيادته؛ لنصوغ معاً كلمة واحدة -لا هوادة فيها- شعارها ((الأردن أولاً))…..
* باحثة سياسية