حين يتفاخر البعض بإنجازات لم تسجل، مسيرة كانت وما زالت لا تلبي أي طموح ولا حتى ثمن ما يتفاخرون به، اليوم باتت الأيام لا تسعد أحداً أكثر ما كانت بلاء عليهما، أصبحنا نفتخر بإنجازات باتت وهم على هذه الأرض، إنجازات كانت عبارة عن صور تبث عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي فقط.
اليوم نرى الواقع الذي يعيشه الكثير منا، الواقع الذي كان حافلاً بالإنجازات الذي يعيشونها هم دون أن نراها على أرض الواقع، واقع أصبح مصدراً للألم، ولم تعد الأيام الجميلة تجمعنا كما كانت عليه من قبل، اليوم أصبح الأنين والحزن سيد الموقف، اليوم الكل يعلم عن ما نعيشه وعن ما يجب أن نعيشه، اليوم أصبحت حاجات الفقراء في وطني مصدر للاستغلال، وأصبحت حياتنا تدار بقدر ما تمتلك من الواسطة أو المال، حقاً أصبحت كذلك، أصبح من يملك المال يستطيع أن يبني ويقدم ويحصل على حقه، ومن لا يملك عليه أن ينتظر حتى يحصل على حقه، أصبحت الواسطة مصدراً لتعاسة الكثير منا، تتغذى بالمال والمال يأتي بالمال أيضا.
الكثير أصبح يبحث عن رزقه بين أروقة الفقراء، فقراء لا حول ولا قوة لهم، فقراء باحثين عن لقمة عيشهم، ليأتي ذلك الباحث، عليهم لإقناعهم بإدلاء بصوتهم له، ماذا قدمت حينما كنت، وماذا ستقدم حينما تصل إلى مبتغاك، هل حقا ستخرجه من ذلك الكابوس أم ستتركه يواجه مصيره وحده، اليوم أصبح الواقع أكثر شدة من قبل، وأصبح الكل يبحث عن تحقيق مصالحه، لا يهمه شيء بعد يوم الانتخابات، باحثين أرادو تحقيق مصالحهم على حساب من بات الليل يرتجف من برد الشتاء وحر الصيف، باحثين عن أمل طمس بطالتهم الاقتصادية، وترسيخ مكانتهما الاجتماعية، باحثين عن أمل حمل كلمة سعادة التي سيحملها لنفسه على حساب غيره.
هل تعلم؟ لماذا أصبح المال الأسود الطريق السهل، المال الأسود وجد أن يكون وسيلة فسرت كل ما أتحدث به، كلمة حملت العديد من المعاني التي يتداولها البعض من أبناء المجتمع في هذه الوطن، وجد أن بيع صوته مربح له، بعد تقاعسهم وعدم قدرتهم على إخراجهم من الكابوس الذي عم أرجاهم، رغم أننا ضد مبدأ البيع ونحن جميعا مع أن يكون لنا صوت مسموع يساعدنا ويعننا على إيصال صوتنا بحق، بعيدا عن مبدأ الطبقة البرجوازية التي أصبح الكثير يتبعها،
حقا يجب أن يكون النائب ناصر لهموم أبناء قاعدته، وأن يكون بحجم الأمانة الذي منحوه إياها، لا بحجم هموم أبناء عائلته، نحن اليوم ما زلنا نبحث عمن يستطيع أن يحمل ذلك الأمانة بكل صدق، بعيدا عن المحاباة، وبعيداً عن مبدأ إغلاق الهواتف وأبواب المكاتب.
الظلم كان بالماضي لا يرى بالعين المجردة، لكن اليوم أصبح مستباح أمام أعيننا، نرى ولا نستطيع أن نتحدث بشيء إلا أن نصمت وننظر بحسرة، ننظر بعيون مملوءة بالألم، بعيون أرهقها الأرق، بعقل يفكر بماذا سيحمل لنا المستقبل، هل حقا سأكون سعيداً أم سأبقى على ما أنا عليه الآن، القلوب لم تعد تستطيع أن تتحمل أكثر من ذلك، أصبحت بحاجة أن تهدأ نبضاتها، وأن تعاد الحقوق لها، لتصفى العقول والقلوب من حسرة التمني.
الظلم هو السجن الذي لا مخرج له، الظلم الذي كان بمثابة حكم الإعدام على كل مظلوم، كان اليأس حاضرا ، مستبعدا أن يخرج من بين ذلك الجدران، كتب عليه أن يبقى سجيناً إلى أن ينصره الله على من ظلمه، حقا حينما ترى الواقع، سترى أن الحياة بمثابة ذلك السجن الذي كان يسلب سنوات العمر على أفعال لم نرتكبها حتى.
كان الله في عون الجميع..