اعتدنا خلال السنوات الأخيرة على الارتفاعات المستمرة والاتجاه الصعودي لاحتياطيات المملكة من العملة الأجنبية.
تحديدا خلال العامين الماضيين، استمرت الاحتياطيات بكسر رقمها القياسي تاريخيا شهرا تلو الآخر.
على أهمية الإنجاز، إلا أن البنك المركزي لم يتمكن من تسخيره لتخفيض فرق الفائدة بين الدينار والدولار.
بالتالي، استمر البنك برفع فائدة الدينار كل مرة يتم فيها رفع فائدة الدولار، وبنفس القيمة، رغم توفر احتياطيات قياسية تشكل ضمانة كافية للحفاظ على جاذبية الدينار، ومنسوب الثقة بسعر الصرف السائد.
يزيد من التساؤلات حول إصرار البنك المركزي على تثبيت هامش الفائدة بين الدينار والدولار، أن الهامش الحالي بواقع 1.75%، أعلى مما كان عليه عام 2015, عندما وصل إلى 1.25%، وأعلى مما كان عليه عام 2005، عندما لم يتجاوز 0.75%.
راسم السياسة النقدية يستطيع تقديم إجابات مقنعة مثل أن الظرف الإقليمي والعالمي محاط بالكثير من المخاطر والمفاجآت. وأن الأفضل إبقاء هامش فائدة مريح لصالح الدينار، وحاجز مريح من الاحتياطيات للتعامل مع أية صدمات غير متوقعة.
يقدم آخرون تفسيرا إضافيا بأن ارتفاع الاحتياطيات لم يأتي بسبب فوائض طبيعية حققها الاقتصاد بالعملة الصعبة (فائض في الميزان الجاري)، إنما نتيجة التوسع في الدين الخارجي، وارتفاع أسعار الذهب، وغير ذلك من أسباب قد لا تكون مستدامة على المدى الطويل.
يبقى أيضا تفسير أخير وهو أن البنك المركزي قد يميل لتقليص هامش الفائدة في دورات انخفاض الفائدة أكثر من دورات الارتفاع.
فعندما تكون فائدة الدولار 0.25% وفائدة الدينار 2%، فإن ذات هامش الفائدة اليوم بواقع 1.75%، يعني بأن مودع الدينار يحصل 8 أضعاف ما يحصله على الدولار.
بالمقابل، يحصل مودع الدينار اليوم بسعر فائدة 7.25% على أقل من ضعف ما يجنيه مودع الدولار بسعر 5.5%، رغم أن هامش الفائدة هو ذاته بواقع 1.75%.
هذا يعني بأن ذات هامش الفائدة يتكآل "نسبيا/نفسيا" من تلقاء نفسه في دورات الارتفاع، ويتسع "نسبيا/نفسيا" في دورات الانخفاض.
لذلك، فإن قرار تقليص هامش الفائدة له أثر عكسي أكبر على جاذبية الدينار في دورات الارتفاع، منه في دورات الانخفاض.
لا يعني هذا بالضرورة أن المركزي يفكر فعلا بتخفيض الفائدة أكثر مما سيقوم به الفيدرالي الأمريكي خلال الأشهر القادمة.
ولكن هذا الاحتمال يزيد في حال تحسنت الأوضاع الإقليمية، وازدادت حدة تخفيضات الفائدة أمريكيا، واستمرت الاحتياطيات الأردنية بالارتفاع.