يشهد العالم اليوم "نقطة تحول" نحو جعل الطاقة المتجددة المصدر الرئيسي للطاقة بحلول عام 2050 بحسب العديد من الدراسات والخبراء. ومن الأمور التي ساهمت في هذا التحول هو الانخفاض الملحوظ في كلفة الكهرباء المولدة من محطات الطاقة الشمسية على مدى العقد الماضي، حيث سجلت تراجعا بنسبة 89% في الفترة من 2010 إلى 2022، وفق تقرير للوكالة الدولية للطاقات المتجددة. كما شهدت صناعة البطاريات، التي تعتبر ضرورية لتحقيق التوازن في إمدادات الطاقة الشمسية طوال النهار والليل، ثورة أسعار مماثلة، بنفس المقدار تقريبا بين عامي 2008 و2022.

وفي ذات السياق، تشهد صناعة الطاقة تغيرا جذريا مع تسارع التحول التدريجي نحو مصادر الطاقة المتجددة كبديل لمصادر الطاقة التقليدية المكلفة والملوثة، وقد أظهر تقرير للوكالة الدولية للطاقة المتجددة أن الاستثمار في مصادر هذا النوع من الطاقة فعال من حيث التكلفة، خاصة أن مصادرها موجودة في كل البلدان، ويوفر النمو الاقتصادي والوظائف وأهداف التنمية المستدامة.

وكما تساهم الطاقة المتجددة أيضا في حماية البيئة وصحة الإنسان من انبعاثات الغازات الضارة، كما أن التحول إلى الطاقة المتجددة سيؤدي أيضا إلى زيادة عامة في الوظائف بما يعادل 3 أضعاف في الوظائف المستحدثة بقطاع الوقود الأحفوري، حسب توقعات الوكالة.

ولهذه الأسباب أيضا قامت الكثير من الدول الأوروبية برفع استثماراتها في إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة، لأجل تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط والغاز، والتقليل كذلك من مستويات الانبعاث الكربونية للحد من التغير المناخي.

وفي ذات الشأن، بلغت نسبة إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة الخضراء في أوروبا مستويات عالية في السنوات الأخيرة، حيث حققت رقماً قياسياً، في أوائل عام 2024، حيث شكلت مصادر الطاقة النظيفة 60% من إجمالي توليد الكهرباء، بزيادة بنسبة 12% عن نفس الفترة من العام السابق.

على الصعيد الايطالي، بلغت نسبة توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة حوالي 44,3% من إجمالي استهلاك الكهرباء في عام 2023. موزعة على النحو الاتي: 43.5% طاقة مائية، 31.4% طاقة شمسية، 12.1% طاقة حيوية (biomass energy) 9.2% طاقة الرياح، 3.8% طاقة حرارية أرضية (geothermal energy). كما وتسعى إيطاليا إلى زيادة نسبة الطاقة المتجددة لتصل إلى 72% من إجمالي إنتاج الكهرباء بحلول عام 2030.

بالإضافة ال ذلك، تسعى شركات الكهرباء في ايطاليا الى التحول التدريجي نحو الطاقة المتجددة. فعلى سبيل المثال تعمل شركة إنيل (Enel)، واحدة من أكبر شركات الطاقة في إيطاليا والعالم، بشكل مكثف على زيادة حصتها من الطاقة المتجددة من خلال مشاريع جديدة وتحديث الشبكة الكهربائية لدعم هذه الزيادة في الطاقة النظيفة. كما وبلغت نسبة توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة حوالي 65%.

ومن الجدير بالذكر ان إيطاليا قامت في السنوات الأخيرة الماضية بتقديم حوافز كبيرة لتركيب أنظمة الطاقة الشمسية في المنازل ضمن مجموعة من البرامج الحكومية التي تهدف إلى تشجيع التحول نحو الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة استخدام الطاقة. وقد وصلت بعض الحوافز الى 110% من تكاليف تركيب أنظمة الطاقة المتجددة وأنظمة التخزين المرتبطة بها، والتي يتم توزيعها على شكل خصومات ضريبية على مدى 5 او 10 سنوات.

أخيرا وكعادتي لابد ان اتناول الموضوع من زاويتي الأردنية حيث يتطرق الى ذهني مشكلة فاتورة الطاقة المرتفعة في الأردن، واسأل نفسي: هل يمكن عمل خطة استراتيجية شاملة للتحول نحو جعل الطاقة المتجددة المصدر الرئيسي للطاقة؟ لماذا لا يتم عمل العديد من مشاريع للطاقة النظيفة والتي يمكن أن يفتح الأبواب لفرص عمل جديدة، مما يساهم في التنمية المستدامة وتحفيز الاقتصاد المحلي، مع الاخذ بعين الاعتبار الاستفادة من خبرات البلدان الاخرى؟ لما لا يتم عمل مشاريع وبالشراكة مع القطاع الخاص في مجال الطاقة الخضراء؟ لماذا لا يتم العمل على تشجيع الاستثمار في تقنيات الطاقة المتجددة والابتكار في إدارتها؟ لماذا لا يتم العمل على تطوير وتحديث للشبكة الكهربائية وخصوصا انها تفتح أبواب تصدير الكهرباء الى الدول المجاورة؟ لماذا لا يتم العمل على تقديم حوافز ضريبة للشركات والافراد التي تهدف إلى تشجيع التحول نحو الطاقة المتجددة؟ لماذا لا يتم تخصيص جزء من الدعم الأوروبي لهذه المشاريع؟