قدسية الصوت .. هيبة للدولة وللناخب
أ. د. غسان الطالب
31-08-2024 06:19 PM
يعتبر صوت الناخب في المجتمعات الديمقراطية هو لبنة الاساس في تطور التشريع وبناء المجتمع الذي يضمن مشاركة افراده في تحمل المسؤولية الدستورية والاخلاقية في رسم خطط السلطة التنفيذية وتنفيذ مهامها الموكلة لها من قبل السلطة التشريعية، التي هي عبارة عن مخرجات الصوت الانتخابي ،من هنا تأتي قدسية الصوت لاهميته في تشكيل السلطة التشريعية اضافة إلى دورها الرقابي في تنفيذ الحكومة ومؤسساتها للاعمال المناطة بها،فهنا بتحمل المجتمع المسؤولية الاخلاقية من خلال الصوت الذي يمنحه لمن يمثله في السلطة التشريعية،فبقدر الحرص على منح الصوت لمن يستحقة بقدر ما تكون هنالك قوة للاختيار الصائب للممثل او النائب فيما يسمى البرلمان او مجلس الشعب إن جاز التعبير ،وان هذا الصوت الحقيقي يعكس لنا نزاهة الاختيار وشفافيته في فرز الشخص القادر ان يوصل صوت المجتمع وقادر كذلك على ان تكون عينه على السلطة التنفيذية في تنفيذ مهامها بما يضمن عدم الاخلال في بنود الدستور الذي يتظم تكامل السطات كافة ،(السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية) ،
اخترنا الحديث عن قدسية الصوت في هذه المقالة المتواضعة حنى نبين اهمية هذا الصوت ونوعية النائب الذي يفرزه الصوت،والقدسية التي نعنيها هنا هي حرمة المتاجرة به وتلوثه بالمال السياسي الذي قد يوصل اشخاص غير اكفاء في تحمل المسؤولية او يعطي الفرصة لرأس المال للانفراد بالسلطة التشريعة وبالتالي يكون التشريع الناتج عنه بما يخدم مصالحه والطبقة الرأسمالية التي يمثلها على حساب مصلحة المجتمع عامة وطبقاته الاجتماعبة الاخرى المتوسطة والفقيرة،وعندما يكون المال السياسي هو اللاعب المنفرد والقادر على التحرك فأنه بتجه إلى هاتين الطبقتين المتوسطة والفقيرة لحشد الاصوات التي يمكن لها ان توصله إلى مركز القرار التشريعي وتكمن الخطورة هنا عندما تكون السلطة التنفيذية متناغمة مع سلطة المال السياسي فيتيح لها تمرير المشاريع والقوانين التي ترغب بها وفي نفس الوقت يضعف اي دور للرقابة الشعبية عالى ادائها،مع كامل قناعتنا بأن وجود سلطة تشريعية ومجلس نواب ممثلا حقيقيا للشعب هو مصدر قوة كذلك للسلطة التنفيذية ويحافظ على هيبة الدولة ،فقدسية الصوت وكيفية استخدامه هي التي تحقق لنا ذلك.
اما عندما يكون الهدف من الوصول إلى شغل المنصب النيابي هو تحقيق مكاسب مادية ونفوذ اجتماعي فلا يمكن له ان يحقق اية منفعة للوطن وهذا ما نراه اليوم في العديد من الدول النامية ومنها بلداننا العربية من ضعف لاداء سلطاتها التشريعية والتي نراها خضعت لاملاءات السلطات التنفيذية او الحكومات من جانب ومن جانب أخر تمزقها النزاعات الطائفية والعرقية والقبلية،وعلى سبيل المثال كيف لسلطة تشريعية في بلد عربي ولما يزيد عن ثلاث سنوات لا تستطيع ان تختار رئيسا لها،علنا ان نتخيل حجم الفراغ الدستوري الذي خلفه غياب الدور الحقيقي للسلطة التشريعية المتمثلة بالنائب النزيه الذي يختارة الشعب.
في الاردن على سبيل المثال فان القانون واضح وصريح في تجريم ظاهرة استخدام المال السياسي وشراء الاصوات واعتبرها ظاهرة خطيرة تؤثر على إرادة الناخبين وتسيء إلى سمعة الدولة وبرامجها في التحول الديمقراطي ،لكننا نقر كذلك بوجود تحديات كبيرة في تتبع حركة المال السياسي التي تتم بمنتهى الحذر وخلف الكواليس بحيث يصعب كشفها،لكن عندما نؤمن ان القانون يطبق على الجميع دون استثناء او محاباة وخضوع للوساطات،عندها ندرك مدى قدسية الصوت واهميته في بناء مجتمع متطور وديمقراطي.