facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عندما يعزف "مُحراك الشر" سيمفونية العلاقات


محمود الدباس - ابو الليث
31-08-2024 03:12 PM

في زوايا المجتمع المظلمة.. يقف "مُحراك الشر" كشبحٍ يترقب اللحظة المناسبة لينقض على العلاقات الإنسانية.. فهو ليس مجرد شخص.. بل هو تجسيد لروح الفتنة ذاتها.. روح تبحث دائماً عن صراعات تُجددها.. وصدمات تُعيد إشعالها.. لا يهمه أن يكون طيفاً عابراً.. بل يسعى ليكون حجر الزاوية في كل خصومة.. في كل جرح لم يندمل.. هو الذي يعتاش على ذكر الماضي.. فيقلب صفحات التاريخ الشخصي للأفراد.. ليجد ما يغذي أفعاله.. فيحرك مشاعر البغضاء التي تكاد تكون في سبات.. ويبث فيها الحياة من جديد.. كمن يسكب الوقود على نار خمدت.. لا ليضيء.. بل ليحرق.

ففي الجانب الاجتماعي.. لا يمكن حصر دور "مُحراك الشر" في الشخص البسيط أو المغمور.. بل قد يكون هذا الدور أحياناً من نصيب شخصيات مرموقة أو وجهاء معروفين.. يتسترون خلف قناع الهيبة والمكانة الاجتماعية.. ولكنهم في الحقيقة يحيكون المؤامرات وينبشون الفتن.. لتظل أنظار المجتمع مسلطة عليهم.. يلعبون على وتر العنصرية بين أفراد المجتمع الواحد.. يثيرون النزاعات بين أبناء المنطقة.. بل ويذهبون إلى أبعد من ذلك حينما يزرعون بذور الفرقة بأي شكل داخل العائلة الواحدة.. هؤلاء لا يرضون بأن تلتئم الجراح.. أو تستقر العلاقات وتقوى.. لأن في استقرارها ومتانتها ضموراً لدورهم.. فيستغلون كل فرصة لإحياء نزاعات الماضي.. ويغذون العداوات التي طالما كانت نائمة.. ويبحثون في الجذور والأصول.. فقط ليظلوا في مركز الصدارة والاهتمام.

وفي بيئة العمل.. حيث تتعدد الأدوار.. وتتشابك المصالح.. تجد "مُحراك الشر" متربصاً في الزوايا.. عينه لا تفارق تلك اللحظات التي يراها فرصة لإعادة التوتر بين الزملاء.. متبرعاً بإعادة تذكير المدير بخلافاتٍ دفنت تحت غبار الزمن.. لأنه يدرك أن بقاء السلام بين الجميع يعني غيابه.. وهو لا يعرف سوى كيفية تغذية الخصومة.. بلسانٍ معسولٍ ظاهره النصح.. ولكنه في عمقه سمٌ ينساب في العروق.. يعيد الحياة لنزاعات نُسيت.. ويزرع الشك حيث كان يجب أن تزهر الثقة.

أما في مسرح السياسة الدولية.. فيتجسد "مُحراك الشر" بشكل أعمق وأخطر.. هنا هو ليس فرداً.. بل قد يكون دولة بأكملها أو منظومة.. تعمل على إثارة القلاقل والفتن بين الأمم.. لتبقى هي المسيطرة على خيوط اللعبة.. تتلاعب بالعلاقات بين الدول.. تزرع الفتن وتقلب الأوراق.. ثم تتدخل بمظهر المُصلح.. ولكن الحقيقة أنها لا تفعل ذلك إلا لتحصد ما زرعته من توترات وأزمات.. فتستغلها لتفرض شروطها.. ولنا في زعيمة العالم مثالٌ صارخ.. فهي التي تُثير النزاعات في الشرق الأوسط.. وتقلب الموازين في مناطق أخرى.. لتبقى هي القادرة على التدخل.. هي التي تجلس على طاولة الحلول.. وتفرض رؤيتها.. كمن يجني الثمار بعد أن أطلق عاصفة من الرياح العاتية.

وفي النهاية.. لا يمكننا أن نتجاهل وجود "مُحراك الشر" في أي جانب من جوانب حياتنا.. فهو الحاضر الغائب.. الذي يعيش على الفتنة.. ويقتات من الصراعات.. هدفه ليس البناء.. بل الهدم.. ليس الحل.. بل التعقيد.. وهو يظل يحرك الأحداث في الظل.. ليبقى متسيداً على الفوضى التي يصنعها.. تاركاً خلفه آثاراً من الحطام والانقسام.. لا تنطفئ إلا لتبدأ من جديد.. في دوامةٍ لا نهاية لها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :