نحن جيل عاش في الإسكندرية .. ولم يعرف طعم الشيشة .. وكانت البنات تمشي بمنتهى الثقة والامان وتشعر بالثقة لوجودنا بالشارع ولا يستطيع احد ان يعلق او ينظر اليها.. ولم نعرف كلمة تحرش .. وكانت التحية صباح الخير أو بونجور.

نحن جيل الترام اللي بيبرق من النظافة وكنا نترك كراسينا لكبار السن والبنات ولا ننتظر كلمة شكر.

نحن جيل كانت البيرة بتتباع في تلاجات الكوكاكولا وبنفس السعر .. و لم نشربها .. كان امامنا كامل الاختيار .. وتعلمنا مسئولية اتخاذ القرار الصح.

نحن جيل القراءة .. مجلات ميكي وسمير وطرزان وتان تان وسوبر مان والسندباد ومجلة المعرفة والمغامرين الخمسة .. وكانت اكشاك الصحف تنشر الجرائد على حبل غسيل ويقف الشباب امامها بالساعات ليقرأوا ويتابعون السياسةوالرياضة.

نحن جيل كان بيحب مدرسته ويحترم مدرسيه ..وكنا نعدي على الرصيف التاني لما نشوف مدرسنا في الطريق .. نحن جيل سلاح التلميذ .. وكان الافتخار بالنجاح دون دروس خصوصية.

قمة الفخامة لما يعطيك المدرس كراريس ويقول لك توصلها للفصل التاني، تدخل قدام الطلبة تحس نفسك كبير الياوران برياسة الجمهورية.

نحن جيل لم نرقص على أغاني المهرجانات السخيفة المزعجة .. كنا نسمع الاغاني الانجليزية والفرنسية ونكتب كلماتها بأيدينا .. دون الاعتماد على جوجل .. وكنا بنحفظها صم .. وكانت وسيلة لتحسين اللغات.

حبينا وبكينا على اغاني أم كلثوم وعبد الحليم وفيروز .. ورقصنا على نغمات البيتلز .. والبي جيز .. والبوني ام .. وداليدا .. وشارل ازنافور .. وخوليو .. وديميس روسوس.. وحفلات البتي شاه والبلاك كوتس في المنتزة و الكاتس في سان أستفانو وحفلات چورچ في العجمي ومكسيم في المعمورة وكاريهات الراكت في كباين النصر في المعمورة واستانلي والحوض وصيد السمك في السسو و كبائن الكاشف.

و الأكل في إيليت وأستريا ولورانتوس ومحمد أحمد و ربيع و الأمور في جليم وميمي في كامب شيزار والطاحونةو والأيس كريم من جليم وجاربيس في الأبراهيمية بعد الذهاب إلى سينما مترو وأمير وريالتو ورويال ولا جيتيه وأوديون وميامي الصيفي ونادي سبورتنج يوم الجمعة صباحاً وشرايط البكر بتاعة الريكوردر والأسطوانات بتاعة البيك أب وبعدين شرايط الكاسيت وكانت أحلى أختراع وقتها.

كنا بنشيل غلاف الشوكولاته في جيوبنا ثم نضعها في سلال القمامة المعلقة على عواميد النور.. و كنا بنرفع فتات الخبز من الارض بعد تقبيلها ووضعها على جباهنا تقديرا للنعمة وخوفا من زوالها.

نحن جيل شفنا الاتحاد بياخد كاس مصر و عرابي بيصد خمس ضربات جزاء و شفنا البساطة و التواضع في شحتة و الجارم ورزق نصار و طلعت و بوبو و محي... و شفنا نادي باكوس بيكسب الاهلي في كرة اليد و مدرب الفريق بيرش الملعب قبل الماتشات.

جيلنا .. شاف فاروق السيد نجم نجوم الاسكندرية جاي النادي الاوليمبي للتدريب راكب فيزبا و الدقاق و الطرفاوي و علي النجار و عز الدين يعقوب جايين النادي في الاتوبيس.
كان سهل قوي لجيلنا انه يحط طوبتين في اي شارع و يلعب ماتش كورة و كان كل نص ساعة نوقف الماتش عشان فيه عربية معدية.

نحن جيل عاصرنا قاهر المانش و بطل ابطال العالم في السباحة حسن عبد الرحيم .. أبو هيف هو بيدرب الشباب السكندري في حوض استانلي على السباحة ببلاش.

نحن جيل شاهدنا مشاهير نجوم الفن و المجتمع في سباقات الخيل في اسبورتنج كان اسبورتنج بالفعل نادي الايليت و شفنا فرغلي باشا و القرنفلة الحمرا في بدلته و هو بيشرب قهوته في الكلوب هاوس.

نحن جيل حضرنا افراح في كازينو ستانلي و كازينوالشاطبي.

نحن جيل كان يسير في الطرقات القديمة حتى مطلع الفجر بأمان .. ولم نخشى مفاجآت الطريق .. ولم يعترض طريقنا لص.

نحن جيل تربى على المحبة والتسامح والصفح وقبول الاخر ومحبته دون النظر لديانته .. وكنا بنعيد الاربع أعياد بل وكان هناك مدرسة الطائفة الإسرائيلية في شارع شكور و نضرب بومب وحرب ايطاليا ونكسر اطباق في شوارع الأبراهيمية والعطارين مع أصدقائنا اليونانيين ونرقص زوربا معاهم بفرح ومحبة.

نحن جيل كنا نظبط ساعتنا على موعد الترماي في محطة بولكلي ع الساعة سبعة و خمسة و كنا نوصل محطة الرمل في عشرين دقيقة. احنا شفنا في كل مفرق اشارجي يوقف اي عربيةعشان الترماوي تعدي و محدش يعطل سيرها.

نحن جيل كان للأب والام وقار .. وللمعلم هيبة .. وللعشرة قيمة .. وللشرطي احترام .. وكنا نخاف على سابع جار .. ونتقاسم مع الصديق المصروف .. والأسرار .. واللقمة .. وكنا بنحلف بالعيش والملح ..

لقد عشنا فعلا.. الزمن الجميل