facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




خاوة .. خلوها تمط ..


محمود الدباس - ابو الليث
30-08-2024 07:22 PM

أمام سدر الكنافة النابلسية.. لا يمكن إلا أن تشعر بعبق التراث الذي يميز هذه الحلوى العريقة.. فهي ليست مجرد طبق حلوى.. بل هي رمز لأصالة نابلس.. لكن في الوقت الذي كان فيه الجبن البلدي الطبيعي هو الأساس.. حيث يحافظ على قوامه ولا "يمط" بشكل مفرط عند تسخينه.. بدأت تظهر في السنوات الأخيرة ظاهرة جديدة.. وهي تلك الجبنة التي "تمط".. والتي تملأ المشهد الدعائي للكنافة في وسائل الإعلام..

هذا التحول لم يكن مجرد تغيير في المكونات.. بل هو انعكاس لطريقة قلب الحقائق.. وإعادة توجيه الأنظار من الجذور الأصيلة.. إلى مظاهر سطحية.. فالإعلام والدعاية التجارية.. استطاعا أن يقلبا المفهوم الأصلي للكنافة النابلسية.. ليصبح معيار الجودة.. هو مدى "مطة" الجبنة.. بينما الأصل.. أن جبنة الكنافة النابلسية يجب أن تحتفظ بقوامها.. دون أن تتحول إلى ما يشبه البيتزا..

هذا الأسلوب في قلب الحقائق.. ليس مقتصراً على عالم الحلويات.. بل نجد مثله في الحياة العامة والسياسية.. فكما تحولت الكنافة من رمز للأصالة إلى مجرد استعراض لـ "مطة" الجبنة.. نجد هناك من القرارات الإدارية تُسوَّق بطريقة مشابهة.. فتتحول قرارات غير شعبية.. أو ضارة.. إلى إنجازات مصطنعة.. ويتم استخدام الإعلام لتزييف الواقع وإقناع الناس.. بأن ما يرونه هو الحقيقة المطلقة.. في حين أن الحقيقة الأصلية قد ضاعت تحت طبقات من الدعاية والتسويق..

وفي السياسة.. نجد أن بعض الحكومات السابقة قد تتخذ قرارات مصيرية.. تحمل تبعات سلبية على المواطنين.. ولكن بفضل الإعلام والدعاية.. يتم تسويق هذه القرارات.. على أنها خطوات ضرورية لمصلحة الشعب.. مثلما يتم تسويق جبنة الكنافة التي "تمط".. على أنها معيار للأصالة.. وهنا يكمن الخطر.. إذ يتم التلاعب بالعقول.. وتوجيه الرأي العام.. بعيداً عن الحقائق الأصيلة..

ولن امر على هكذا موضوع.. دون التعرض الى حياتنا الاجتماعية.. فنجد أن هذا التحول في المفاهيم قد أصبح قاعدة.. فأصبحنا نرى كيف تُقلب الحقائق.. لتناسب مصالح أفراد أو جماعات على حساب الآخرين.. فنرى من يحاولون استعراض مظاهر السعادة أو النجاح الزائف على وسائل التواصل الاجتماعي.. ليتم خداع الناس بأن حياتهم مثالية.. في حين أن الواقع قد يكون مغايراً تماماً.. تماماً كما يتم استعراض "مطة" الجبنة في الكنافة.. لخلق انطباع زائف عن الأصالة.. فبدلاً من التمسك بالجوهر والمضمون الحقيقي.. أصبحنا نرى القشور والمظاهر هي التي تُسوق وتُباع.. تاركين الحقيقة الأصلية خلفنا..

حتى في القطاع الخاص.. نرى الشركات تستغل هذا الأسلوب لتسويق منتجات ذات جودة منخفضة.. وتوظف الإعلام لإقناع المستهلكين بأنها الأفضل.. تماماً كما يحدث مع الكنافة التي فقدت أصالتها تحت وطأة "المطة"..

لذلك.. كما يجب أن نرفض الكنافة التي تحولت إلى عرض لـ "مطة" الجبنة.. علينا أيضاً أن نكون حذرين من قبول الحقائق المشوهة.. والتي تُسوق لنا على أنها الواقع.. وأن نتأكد من أننا نحافظ على القدرة على التمييز بين الأصالة والمظهر الخادع.. فكما ضاعت أصالة الكنافة النابلسية بين الدعايات.. قد تضيع الحقائق بين أكاذيب الإعلام إذا لم نكن حذرين..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :