في تلك الجلسة الذي كانت تجمعنا، أتى أحد المرشحين للانتخابات النيابية، تلك الجلسة الشيقة المليئة بالوعود، حيث ابتدأت إلى أن انتهت، كان الحديث بتحقيق الوعود، وبدأ يتحدث مع الجالسين وأحد تلو الآخر عن طبيعة عملهم، جميعهم أجابوا بكل صدق من قال إنه يعمل ضمن المجال العسكري حينها بدأ ذلك المرشح، يقدم وعوده بمعرفته لأصحاب المراتب العسكرية، وبدأ يتواصل مع الأفراد الأقل منهم رتبه لكسب شهادتهم، أنه يا فلان مين بمون على فلان باشا، أنت يا عطوفتك، استمر الزيف إلى حين أتى دور أحدهم الذي كان عاطلا عن العمل، أجابه أنه عاطل عن العمل، حينها المرشح لا يعلم كيف سيستطيع أن يخرج نفسه من ذلك المأزق ، بدأ يتراجع عن كل ما تحدث به، لا أعلم إلى متى سيبقى يبحثون عن تحقيق مصالحهم على حساب حاجات الفقراء، هل الوعود الزائفة أصبحت الدواء لمصالحهم حقا، ومن بعدها يذهب دون أن يعود لمن وعدهم بذلك، كم من شاب حصل على ذلك الوعود، وكم من شاب رسم الطموح على ذلك الوعود، وعود زائفة لا تحقق آمال أحد، وعود أصبحت كالأحلام في آخر الليل.
الانتخابات أصبحت على الأبواب وبدأ العد التنازلي لذلك اليوم الموعود، اليوم الذي سوف يحدد المصير، ويكشف الأوهام الزائفة عن أوجه أصحابها، ستكتشف الحقيقة لمن كان يجهلها، وتظهر الصورة الحقيقية لتلك الوعود المزعومة، ستذهب تلك الأوجه مجددا إلى مكانها الذي أتت منه، لن تعود إلا بعد انقضاء أربع سنوات، لكي نعود نراها مجددا.
كفاكم رسم الأوهام وكفاكم استغفال من انقطعت بهم السبل، اليوم نحن بحاجة ليد حقيقية، يد قادرة أن تسعفنا وتقدم لنا ما نستحق أن نعيش لأجله، لم تعد الحياة تستحق أن تبقى كذلك، اليوم المئات من الشباب أصبحت تلاحق بصيص أمل من أجل رسم مستقبلهم المجهول، وأصبحت بحاجة لوعود صادقة قادرة أن تعيد زراعة الأمل بهم مجددا...
الحقيقة هي مقياس المصداقية، وأصبح الكثير من أبناء الوطن بحاجة للمصداقية التي أصبح المجتمع يفتقر لها، لا تقدم الوعود، بل كون المنفذ لها، دون أن تتحدث، حتى تبقى إنجازاتك تتحدث عن نفسها بنفسها.
يجب أن نعيد النظر، وأن نعمل جميعاً يد بيد من أجل خدمة الوطن، وأن نعيد له الحياة بعد أن أصبحت أرض قاحلة لا تنتج شيئاً سوى أنين أبنائها ، وأن نعيد البهجة لذلك الوطن التاريخي ذات الأروقة التراثية الجميلة، وأن نبقى اليد الصادقة التي عاهدت الوطن أن تبقى الوفية على مر العصور، دعونا نستذكر تضحيات أبنائها خلال السنوات الأخيرة الماضية والأحداث التي عصفت بها،والتي حاول فيها ضعفاء النفوس أن يجعلوا منها رقعة دموية، لكن ببسالة أبنائها الذي كانوا لها الحصن والسياج المتين الذي لم ينجحوا باختراقه أو المساس به، التضحيات يجب أن تقدس، وتضحيات أبناءها يجب أن لا تنسى لتبقى راسخة في لوحات الشرف والرجولة، الأردن لن تنسى من قدم لأجلها أرواحهم، بل ستبقى تستذكرهم بكامل المحافل والأطياف.
تضحيات أبنائه يجب أن تكون منهاجا يدرس عن الوفاء، درساً كان من أثمن الدروس، ويصعب على أحد تقديمه، وكانت نتيجته أرواحهم الطاهرة التي كانت فداء للوطن، يجب علينا أن نقتدي بهم، لا أحد أحب الوطن بقدر ما أحبوه ، ويجب علينا أن نسعى أن نفدي الوطن بالوفاء له، وترسيخ علمنا لأجل بنيته، لا لأجل مصالحنا الشخصية على حسابه، الوطن أصبح بحاجة إلى رجال قادرة أن تكون له السند والعون، والمدافع عن حقوقه .
الأردن مهجة القلب التي يجب على أبنائها ألا يتركوه وحيدا وأن يقدموا له ما يتستحق ليبقى الرونق القديم الذي يحاكي جمال الماضي وأناقة الحاضر وحداثة المستقبل.
حفظ الله الأردن. ودمت شامخاً بالعزِ والخير والسلام.