الفتنة تحتاج إلى أرض خصبة
محمد علي الزعبي
29-08-2024 12:34 PM
يبدو اننا اصبحنا عاجزين عن إظهار الإنجازات الوطنية وتعظيمها، وولجنا إلى التصعيد والتصيد والتنمر وإبراز العثرات والكبوات، لا نقول بأنه لا يوجد اخطاء، فلكل أصيل كبوة ولكل مجتهد نصيب من الاخطاء، ابتعدنا عن طريق الحق والحقيقة واشهار الإيجابيات والتعاطى معها، ارتفعت اصوات النعيق من خلف الشاشات البالية وعبر صفحاتنا ومواقعنا، كأن الأردن أصبح واحة للفساد والمفسدين، مياهها راكدة وارضها فاسدة نسعى إلى كبح جماح الحكومات، نشخصن الأمور، نرمي كلماتنا المسمومة ونكتب بما لا نعي، نحاول جاهدين الطعن في كل خطوة نخطوها في ظروفٍ صعبة اقحمتنا في الصعوبات والمطبات، أو إنجاز وعطاء دون ذكره .
هناك أشياء تستحق أن نتفقدها كل ثانية، فقيمتها المعنوية أعظم وأفضل من الطعن في خاصرة الوطن، ولها أثر عظيم مرتبط بالقيم والأخلاق والمبادئ الإنسانية النبيلة والثوابت الوطنية والمعرفية، التي تعبر عن النضوج الفكري، فلنقدم الوطن على أنفسنا في المنافع والمكاسب، فاعمالنا وافعالنا لا تخضع لمعايير الربح والخسارة، وإنما تخضع لمبدأ أخلاقي اسمه الوطن.
من منا سعى إلى البحث والتحرّي في أروقة الحكومة وادراجها عن الإنجازات وعظمها، حتى وإن لم تظهر الحكومة انجازاتها وعطاءها، قد تكون الحكومة لا تسعى الى البهرجة الإعلامية، انطلاقاً من مبدأ العمل من أجل الوطن في ترتيب البيت الداخلي والاصلاح، لنظهر اننا بلد الاتحاد والقوة والمحبة والأمن والأمان الذي شهد له الجميع، وأن الله حبانا بإرث وتراث تخلد عبر السنين، ولادة للرجال الاحرار وأصحاب المبدأ، أليست هذه هي الأمانة المهنية في النشر والتعظيم في كل جميل في أردننا، فالمسألة ليست مزاجية منزوعة الوطنية .
الحكماء والنبلاء يتأنّون ويفكرون مليئاً، في الحكم على الأمور حتى تنضج، فجودة الثمار من جودة البذور، فدعونا نحافظ على هذه الشجرة، وندعوا لها بالبقاء شامخة بكم ومعكم، لكي تبقى فسائلها صالحة لتجود وتزهر بها حقولنا، فلا نتلذذ في إظهار السوداوية وجنون العظمة وحب النفس بعيدين عن حب الوطن ونقزم الإنجاز ويصُبنا عمى البصر والبصيرة، فزراعة الفتنة لا تحتاج إلى فلاح جيد، بل تحتاج إلى أرض خصبة توفرها العقول الجاهلة.