ماذا يكمن خلف سباق الملايين .. استثمار وطني أم لعبة نفوذ؟
محمود الدباس - ابو الليث
29-08-2024 11:51 AM
ما الذي يدفع بعض المرشحين للبرلمان إلى إنفاق مبالغ طائلة تتجاوز المليون دينار أردني للوصول إلى البرلمان رغم أن راتب "مكافأة" النائب لا يتجاوز 3700 دينار شهرياً؟!.. وكيف يمكن تفسير هذه الظاهرة التي تبدو غير منطقية عند النظر إليها من زاوية اقتصادية مباشرة بحتة؟!..
وبالمؤكد.. لن تكون هذه الملايين.. ثمنا لتصدر جاهةِ طلبِ عروس مكتوب كتابها سلفاً..
في البداية.. يجب أن ندرك أن النيابة ليست مجرد وظيفة براتب ثابت.. بل هي بوابة إلى عالم أوسع من النفوذ والسلطة والامتيازات، فالنائب ليس مجرد ممثل للشعب في البرلمان، بل هو شخصية ذات تأثير في دوائر صنع القرار، وهذا التأثير يُترجم إلى فرص لا تُقدر بثمن فرص لفتح أبواب مغلقة.. ولعقد تحالفات مع أصحاب النفوذ وأرباب العمل ولتمرير مصالح شخصية أو مصالح داعميه عبر القوانين والسياسات..
إن السلطة التي يمنحها المقعد البرلماني.. تتيح لصاحبها أن يكون لاعباً رئيسياً في المشهد السياسي والاقتصادي.. ما يفتح أمامه آفاقاً جديدة لتحقيق مكاسب كبيرة.. سواء من خلال الصفقات أو المشاريع أو حتى النفوذ الاجتماعي الذي يصاحب المنصب..
ولعل الحصانة البرلمانية هي إحدى أهم هذه الامتيازات.. إذ تمنح النائب حماية من المساءلة القانونية، ما يُمكنه من التحرك بحرية أكبر لتحقيق مصالحه دون الخوف من العواقب..
علاوة على ذلك.. فإن الفوز بمقعد برلماني يعزز من مكانة الشخص في مجتمعه ويضيف إلى اسمه هيبة واحتراماً وهو ما يطمح إليه الكثيرون، فالمنصب يمنح صاحبه مكانة مرموقة في المجتمع ويعطيه منصة يمكنه من خلالها التأثير في حياة الناس والسياسات العامة..
أما عن المبالغ الكبيرة التي تُنفق في الحملات الانتخابية.. فهذه تعكس رغبة ملحة في ضمان الوصول إلى البرلمان بأي وسيلة كانت، سواء عبر شراء الأصوات.. أو تقديم المساعدات للناخبين، فالمرشح يرى في هذه النفقات استثماراً يمكن أن يعود عليه بأرباح تفوق بكثير ما دفعه، فالنيابة قد تفتح أمامه أبواباً لمكاسب مادية ومعنوية تستمر طويلاً بعد انتهاء فترة ولايته..
وفي هذا السياق.. يمكن القول إن النائب الذي ينفق هذه المبالغ لا يرى في البرلمان مجرد مصدر دخل محدود.. بل ينظر إليه كوسيلة لتحقيق أهداف أكبر وأعمق.. أهداف تتعلق بالسلطة والنفوذ والمكانة الاجتماعية، وربما أيضاً بتحقيق مصالح شخصية أو مصالح من يقفون خلفه ويدعمون حملته، ولهذا فإن المبالغ التي تبدو كبيرة هي في نظره مجرد ثمن يدفعه لتحقيق طموحات قد تكون أكبر بكثير..
ولكن يبقى السؤال المطروح.. هل ما يفعله هؤلاء هو من أجل خدمة الوطن والشعب؟!.. أم أن البرلمان أصبح مجرد وسيلة لتحقيق المصالح الشخصية؟!..
هنا يكمن التحدي الأكبر، فالنيابة يجب أن تكون منبراً لخدمة الشعب لا مطية لتحقيق المكاسب الذاتية.