منتج التوجيهي .. مليون طالب راسب كل 12 سنة و775 مليون دينار هدر
م. وائل سامي السماعين
28-08-2024 11:28 AM
من المعروف أن التعليم في الأردن يعتبر من الأفضل عربيًا سواء في مرحلة التعليم المدرسي أو الجامعي وذلك يعود إلى أن المناهج الحكومية دائمًا في حالة تطوير لتتماشى مع المناهج الحديثة في التعليم، بالإضافة إلى وفرة المدارس الخاصة التي تقدم مناهج عالمية مختلفة. ولا ننسى جودة التعليم الجامعي، حيث أن معظم خريجي الجامعات الأردنية لا يجدون صعوبة في القبول والتفوق في الجامعات الغربية، خاصة في مجال الطب، حيث تستقطبهم الجامعات والمؤسسات الطبية في الولايات المتحدة.
ومع ذلك، هناك حاجة ماسة إلى إجراء تحليل شامل لنتائج الثانوية العامة من حيث عدد الطلاب الناجحين ونسب الرسوب. هذا التحليل سيساعد في وضع استراتيجيات تجعل النتائج أكثر جدوى اقتصادية، وتحقق قيمة مضافة للاقتصاد الأردني على المدى الطويل.
تشير نتائج التوجيهي لعام 2024 إلى أن عدد المتقدمين لامتحان الثانوية العامة بلغ 171,189 طالبًا، بينما بلغ عدد الراسبين 63,248 طالبًا، مما يعني أن نسبة النجاح كانت حوالي 63%. عند تحويل هذه الأرقام إلى قيم مالية لفهم الأثر الاقتصادي، نجد أن هناك هدرًا ماليًا في العملية التعليمية قد يتجاوز نصف مليار دينار كل عشر سنوات.
ميزانية وزارة التربية والتعليم لعام 2024 تقدر بحوالي مليار وربع دينار أردني. إذا افترضنا أن عدد الطلاب في المدارس الحكومية حوالي 1.6 مليون طالب، فإن متوسط تكلفة الطالب السنوية تصل إلى حوالي 781 دينار أردني. هذا يعني أن تكلفة الطلاب الراسبين سنويًا تقدر بحوالي 49 مليون دينار، ومع استقرار نسب الرسوب سنويًا، فإن تكلفة الطلاب الراسبين طوال المراحل الدراسية (12 عامًا) قد تصل إلى 588 مليون دينار.
علاوة على ذلك، هناك عدد لا بأس به من الناجحين الذين لم يتم قبولهم في الجامعات، ويقدر عددهم بحوالي 20,000 طالب سنويًا. تكلفة تعليم هؤلاء الطلاب تقدر بحوالي 15 مليون دينار سنويًا، وحوالي 187 مليون دينار طوال المراحل الدراسية.
وبجمع هذه التكاليف، نجد أن المجموع الكلي لتكلفة الطلاب الراسبين إضافة إلى الذين لم يقبلوا في الجامعات على مدار 12 عامًا قد يصل إلى حوالي 775 مليون دينار، أي حوالي 64 مليون دينار سنويًا. هذا الهدر المالي يمثل مخرجات النظام التعليمي الحالي، والذي ينتج كل 12 عامًا ما يقارب مليون طالب راسب و غير مقبول في الجامعات.
لا يُطلب من وزارة التربية والتعليم أن يكون جميع الطلاب ناجحين أو ان يتم إلغاء امتحان التوجيهي، الذي أصبح علامة مميزة في مسار التعليم الأردني منذ عقود. لكن المطلوب هو إجراء تحليل علمي شامل لمعرفة أسباب رسوب هؤلاء الطلاب، ومواقع تواجدهم، ومواهبهم، ومن ثم توجيههم إلى مسارات أخرى يمكن خلقها بالتعاون مع القطاع الخاص والتي يمكن أن تعود بالفائدة على الاقتصاد الأردني.
هذا التحليل يُظهر الحاجة الملحة إلى توجيه التعليم نحو تعزيز الاقتصاد الوطني، والتأكد من أن كل طالب يمكنه تحقيق إمكاناته الكاملة، سواء كان ذلك من خلال التعليم الأكاديمي أو المهني وضخ السوق المحلي بالمهارات التي يحتاجها ، فلا ضرورة ان يتقدم لامتحان التوجيهي من هو متوقع ان يرسب . طبعا هناك استراتيجيات علمية لتحليل البيانات التعليمية ، فهذه عملية حيوية لفهم اداء النظام التعليمي وتحديد الفرص للتحسين.
لدينا بطالة هائلة وسوق مشبع بالعمالة الغير اردنية ، ولدينا سوق شرق اوسطية ومنها تحديدا الخليج العربي والسعودية بحاجة الى مئات الالاف من الايدي العاملة من الفنيين المهرة في مجالات متعددة.
اذن هناك مشكلة حقيقية بحاجة الى دراسة علمية ووضع خطط تعليمية تتماشى مع الخطط التنموية المبينية على علم تحليل البيانات حتى نتمكن من تزويد السوق من منتج مؤهل مطلوب في الاسواق المحلية والاقليمية لتميكنهم من المنافسة في سوق شرق اوسطية ،وبالتلي تخفيف البطالة .
waelsamain@gmail.com