كيف يفتح الجهل آفاقاً للإبداع؟!
محمود الدباس - ابو الليث
25-08-2024 04:16 PM
في إحدى قاعات المحاضرات.. تأخر شاب أمريكي عن موعده المعتاد.. وعندما وصل.. وجد على لوح الكتابة معادلة رياضية معقدة.. لم يكن يعرف أنها تُعتبر من المعادلات التي لم يجد لها العلماء حلاً عبر التاريخ.. افترض ببساطة أنها واجبه المنزلي.. فنسخها وعاد إلى بيته.. وسهر طوال الليل يعمل عليها.. وفي اليوم التالي.. قدم الحل لأستاذه الذي أصيب بالذهول.. فقد كان هذا الشاب قد حل معادلة اعتُبرت مستحيلة.. والسبب الوحيد الذي جعله ينجح هو أنه لم يكن يعلم أنها كذلك.
ذكر الدكتور أحمد خالد توفيق هذه القصة كدرس في "شجاعة الجهل".. وهو مصطلح يُعبّر عن القوة التي يمكن أن نجدها في عدم معرفتنا بالمستحيل.. فعندما نكون غير مدركين لصعوبة الأمر.. لا نسمح للخوف من الفشل أن يسيطر علينا.. او يتسلل إلينا.. بل نعمل بكل طاقتنا وإصرارنا.. هذا الجهل بالشكل التقليدي.. يُصبح سلاحاً.. يدفعنا لتجاوز ما يراه الآخرون حدوداً.. ويُحول ما يُعتقد أنه غير ممكن إلى إنجازات ملموسة.
في حياتنا اليومية.. كثيراً ما نصادف قصصاً عن أشخاص حاولوا وفشلوا.. هذه القصص تنسج في أذهاننا عقلية الفشل.. التي تُصبح كالسجن.. تمنعنا من السعي بجدية.. تجعلنا نقنع أنفسنا بأن الفشل حتمية وأن المحاولة مجرد مضيعة للوقت.. ولكن الحقيقة هي أن الفشل ليس إلا خطوة من خطوات الطريق.. إذا قررنا أن نرتهن لعقلية الفشل.. سنمنح أنفسنا العذر لعدم المحاولة الجادة.. وسنترك الباب مفتوحاً أمام التردد والخوف.. بدلاً من أن نغلقه بقوة الإصرار والعزيمة.
إن الفشل.. بكل ما يحمله من دروس وعِبر.. ليس نهاية المطاف.. بل هو فرصة لإعادة النظر والتعلم والتحسين.. كل محاولة فاشلة.. هي خطوة نحو فهم أعمق وأفضل للمسألة.. عندما نتحلى "بشجاعة الجهل".. نفتح الباب أمام إمكانيات لا حدود لها.. نتحرر من قيود الخوف.. ونتعامل مع التحديات وكأنها مجرد ألغاز تنتظر حلها.. لا كحواجز لا يمكن تجاوزها.
تلك الشجاعة.. تكمن في التخلص من فكرة المستحيل.. وفي تبني الفكرة التي تقول.. إنه لا يوجد شيء لا يمكن تحقيقه.. طالما أننا نملك الإصرار والجهل بكل ما يحد من طموحاتنا.. فالجهل أحياناً.. هو الطريق الأوسع نحو الإبداع والابتكار.. والطريق الذي يقودنا نحو تحقيق ما لم يحققه أحد من قبل.. لأننا ببساطة لم نكن نعلم أنه مستحيل.