الوزير الخريشة .. الأردن دولة تعددية حزبية وسياسية
السفير الدكتور موفق العجلوني
25-08-2024 04:09 PM
استوقفني حديث معالي وزير الشؤون السياسية والبرلمانية حديثة الخريشة، حول إن الأردن دولة تعددية حزبية وسياسية وليست دولة الحزب الواحد، وهو ما يؤكده تعدد الأحزاب البالغ 38 حزبا. جاء ذلك خلال لقاء نظمته دائرة الشؤون الفلسطينية، يوم أمس السبت، مع رؤساء لجان المخيمات، وممثلي مؤسسات المجتمع المدني وعدد من المواطنين في مخيمات المملكة، للحديث عن المشاركة في الانتخابات، نظراً لان هذه الانتخابات تعتبر من أهم مراحل صنع القرار السياسي في الأردن، وبالتالي على المواطنين المشاركة والمساهمة في انتخاب مرشحيهم لمجلس النواب المقبل على أسس برامجية سياسية.
من الملاحظ من خلال حديث معالي الوزير الخريشة هنالك جدية من قبل الدولة بكل اجهزتها الرسمية في مكافحة المال الأسود. وفي المقابل دعوة المواطنين لتقييم برامج الأحزاب التي ستطلقها الأسبوع المقبل على أسس برامجية واقعية منطقية بعيدا عن الشعبويات والبرامج الخطابية غير القابلة للتطبيق. وأن المشاركة في الانتخابات تأتي تحقيقا لرؤى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله في تحديث المنظومة السياسية. بنفس الوقت هنالك دور محوري للمواطن في إنجاح الانتخابات النيابية المقبلة.
وفي نظرة تحليلية لتصريحات الوزير الخريشة يبدوا ان معاليه يسعى إلى تعزيز الثقة في النظام الحزبي الأردني، وتشجيع المشاركة السياسية، وضمان نزاهة الانتخابات. والدعوة الى تقييم برامج الأحزاب على أسس منطقية، ويشدد على أهمية أن تكون الانتخابات نزيهة وغير متأثرة بالمال الأسود.
بالمقابل يتميز حديث الوزير الخريشة بالوضوح والدعوة للمشاركة الفعالة في العملية السياسية. من خلال الحديث المباشر والموجه للمرشحين والمقترعين بنفس الوقت بهذه اللغة المباشرة واستخدام المصطلحات السياسية المتعلقة بالتعددية الحزبية، والانتخابات، والمشاركة السياسية.
وبالرغم من أن الوزير الخريشة يشير إلى التعددية الحزبية، بوجود (38 حزباً) ، ربما هذا الرقم قد يعكس انقسامات سياسية قد تعوق العمل السياسي الفعّال، بدلاً من تعزيز النظام السياسي . وإذا كان هناك تأكيد على الجدية في مكافحة المال الأسود، فيجب وجود آليات واضحة وشفافة لتحقيق هذا الهدف، وضمان عدم تأثر الانتخابات بالمال الأسود.
أما الدعوة لتقييم البرامج على أسس منطقية هي خطوة جيدة، ولكن هذا يحتاج إلى ضمانات حول كيفية تحقيق هذا التقييم بموضوعية وعدم تأثير المصالح الشخصية.
وكون المقاعد المخصصة للأحزاب تعكس فهماً لضرورة تقوية الأحزاب، الا ان ذلك يثير تساؤلات حول كيفية ضمان أن الأحزاب ستكون قادرة على تقديم برامج فعالة وحلول ملموسة للمشكلات الوطنية.
وعلى الرغم من الإشارة إلى زيادة عدد الأعضاء الحزبيين، فإن الأرقام لا تعكس بالضرورة تأثيراً حقيقياً على العملية السياسية ما لم يتبعها تغييرات ملموسة في كيفية ممارسة السياسة. ورغم تأكيد الوزير الخريشة على أن الأحزاب لا تتشكل بقرار من الدولة بل بإرادة المواطنين، فقد يكون من المفيد توفير المزيد من الدعم والإرشاد لتجنب الأحزاب التي تنشأ لأسباب شكلية أو مصالح خاصة.
وبالتالي، فقد اشار الوزير الخريشة الى العديد من القضايا السياسية الهامة وتقديم رؤية متكاملة حول التحديث السياسي في المملكة. ومع ذلك، يتطلب تنفيذ هذه الرؤية متابعة دقيقة لضمان تحقيق الأهداف المعلنة والتأكد من عدم وجود تباينات بين الأقوال والأفعال.
في الختام، نأمل أن تسير الانتخابات البرلمانية المقبلة على خير ما يرام، بفضل الوعي المتزايد للمواطنين وخاصة الشباب وتطلعاتهم نحو تحقيق تطلعات جلالة الملك عبد الله حفظه الله. وحرص المواطنين على انتخاب ممثلين يعكسون تطلعاتهم ويعملون من أجل المصلحة الوطنية. فلنكن جميعًا شركاء في هذا العرس الوطني الانتخابي، ونعمل معًا على بناء مجلس نيابي يعزز من تقدم وطننا ويحقق طموحاتنا المشتركة.
*مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
muwaffaq@ajlouni.me