همسات انتخابية من غرف العناية الحثيثة
د. عبدالله سليمان درادكه
25-08-2024 04:08 PM
في ظل الأوضاع الأخيرة التي ستشهدها بلادنا من تغييرات وتشكيلات جديدة في دوائر صنع القرار الرئيسة، بدءاً بالسلطة التشريعية وخاصة على غرفة التشريع الأولى (مجلس النواب) وما سيترتب عليها من تعيين حكومة جديدة؛ خطرت ببالي العبارات التالية:
لبن تين وتراب الوطن
وعندما يكون الجرح في القلب؛
وتنفذ ضمّادات العواطف؛
ولا تجد طبيبا يداويك؛
فعليك أن تسهر الليالي؛
لعلك تعدُّ جراحك وتسهر على مداواتها
هذه العبارات حطّت ذاكرتي على اعتاب قصة ذلك الرجل المسن الذي كان يمتلك ثلاث شجرات تين، وكانت الشجرات الثلاث تمتلكه ايضاً، حيث عاشوا معا مرحلة الطفولة والشباب، وهم الآن وبعد تقدم العمر يتسامرون عبق الماضي ومغامرات الصبى، ناهيك عن العلاقة التكافلية التي يتعايشونها، فالرجل المسن يرعى هذه الشجرات، وتغدق عليه هذه الشجرات بثمارها اليانعة، والتي يقطفها ويبعها ويعتاش من ثمنها.
شاءت الاقدار أن يتم توسعة الشارع الذي يجاور هذه الشجرات، حيث أن التوسعة الجديدة للشارع تقتضي اقتلاع هذه الشجرات من جذورها، ورفض الرجل أن يصالح على اقتلاع هذه الشجرات، رغم الوساطات الكبيرة التي تدخلت لتسوية الأمور، ورغم مضاعفة مبالغ التعويض عن هذه الشجرات، حيث باءت جميع الوساطات بالفشل الذريع، ليبقي الخيار الوحيد؛ مباغتت ذلك الرجل المسن، واقتلاع الشجرات ووضعه تحت الامر الواقع، وبالفعل حضرت جرّافة البلدية منتصف الليل، واقتلعت الشجرات الثلاث ثم غادرت المكان. وفي الصباح الباكر، حضر الرجل المسن و وجد الشجرات الثلاث جثثا هامدة مسجّاة على الأرض، فصرخ بأعلى صوته قائلا: " دمعي سال على خدي لبن تين، ريت اللي قطّع التينات ينحرم شم الهواء" ثم مات.
في ظل توسعة الشعارات الانتخابية، وكثرة الطروحات الفلكية، وقلت الخبرة النيابية عند الكثير، ما أخشاه أن يتم مباغتتنا نحن المواطنين، واقتلاع أحلامنا من جذورها، لنصحو في 11 أيلول فنجدها جثثا هامدة مسجّاة على الأرض ولا نملك عندها إلا أن نقول وكما قال ذلك الرجل الطاعن في السن: " دمعي سال على خدّي وطن، ريت اللي أساء للوطن ينحرم شم الهواء".