كيف يمكن وصف المشاركين في مسيرة حاشدة على امتداد ثمانية كيلو مترات في العاصمة اليمنية صنعاء وفي تظاهرات حاشدة أخرى في (17)محافظة بالخارجين على القانون وانه ينبغي ملاحقتهم ومحاكمتهم في حين ان رصاص بنادق الأجهزة الأمنية يلعلع في صفوفهم ويقتل ويجرح العشرات منهم؟!
إن الملايين من أبناء اليمن يتظاهرون منذ شهور بعد ان طفح الكيل مطالبين في البداية بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ثم تطورت مواقفهم نحو المطالبة بالحرية وبرحيل رأس النظام..
ويوم الجمعة الماضي حملت تظاهراتهم المليونية اسم جمعة الوفاء للجنوب ولشهدائه..
لقد احتل إطلاق الرصاص الحي في مواجهة ملايين المتظاهرين احتجاجا على الفساد بكل أشكاله وعلى البطالة والفقر محل الحوار الذي قد يفضي إلى حقن الدماء والى إعادة الأمن والاستقرار وفرص الإنماء إلى ربوع البلاد..
وكيف يمكن وصف حرب دموية شاملة يشنها نظام القذافي ضد الشعب الليبي ويشارك فيها المرتزقة من الدول الإفريقية ومن إسرائيل فتقتل وتجرح مئات الألوف من أبناء ليبيا ردا على تظاهرات سلمية تطالب بالإصلاح ثم بالحرية ثم برحيل الرئيس معمر وأبنائه وإنهاء حالة التخلف والفقر والبطالة وسياسة القمع والإرهاب ضد المواطنين بأنها حرب عادلة ومشروعة ضد الخونة والعملاء الذين يسعون للقضاء على الثورة وقيادتها؟!
المحزن ان جامعة الدول العربية تقف مكتوفة الأيدي إزاء إراقة الدم العربي في كل من ليبيا واليمن وان عليها التحرك فورا للتدخل الشجاع والحريص على وقف هذا النزيف القاتل في جسد الأمة..
لاسيما وقد ثبت ان تدخل الدول الاستعمارية في ليبيا لم تكن له غاية سوى الحفاظ على مصالحها في هذه الأقطار العربية على حساب شعوبها المكلومة..
ولقد آن الأوان لوضع حكام ليبيا واليمن أمام حقائق الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المؤلمة في بلدانهم حيث تعاني شعوبهم منذ عقود من أزمات قاتلة في مختلف المجالات..
ولم يعد بمقدورها الصبر أكثر على ما تحملته من متاعب وفقر وبطالة وتخلف وقمع واحتقان خانق..
لقد نجحت الثورتان الشعبيتان في مصر وتونس والشعوب العربية تتطلع الى انتصارات مشابهة للثورات الأخرى..
(الرأي)