facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الليبرالية وفوبيا السفارات


سامح المحاريق
25-08-2024 12:34 AM

ينقلب أحد الليبراليين الأردنيين على الحراك الليبرالي ويتهمه بالارتباط بالسفارات الأجنبية، ويلقي بظلال التشكك والاتهام المبطن حول دورها، ويضع جميع الليبراليين وكأنهم نتاج للعلاقة مع السفارات، وعليه تضاف مقطوعة أخرى ومعزوفة جديدة لسيمفونية التلميح والكلمات المتقاطعة التي يبدو أنه من المتعذر أن تصل إلى الاكتمال، لأن إضافة الأسطر والأعمدة تبدو عملية غير منتهية.

هل لا يمكن أن ينشأ توجه سياسي في الأردن من غير الرعاة الرسميين، الشيوعيون والحجيج إلى موسكو وسفارتها في عمان، البعثيون الموزعون بين دمشق وبغداد، والإسلاميون المعلقون بالقاهرة تارةً واسطنبول تارةً أخرى، وغيرهم، وكأن كادحي الأردن ليسوا سوى جزء من نضال أممي يهمل خصوصيتهم وتقاليدهم، وكأن قوميي الأردن، الأكثر تعمقًا في التاريخ والممارسة، لا يمكن أن يمتلكوا الثقة لبناء المبادرة، ومعهم الإسلاميون الذين يرون العالم في أولويات التنظيم الدولي، ويدخلون في معاركه، ولا يمانعون أن يسحبوا البلد كلها وراءهم.

في الأردن اشتراكيون حقيقيون، وقوميون أصيلون، وإسلاميون مبدئيون، وأيضًا ليبراليون يمثلون رؤية أردنية لها فرادتها وخصوصيتها، وليسوا محتاجين لسفارة أو وصاية لتقدم رعايتها، والمشكلة هي في المقاولين الذين يهبطون على التوجهات السياسية في محاولة انتزاعها من تطورها الاجتماعي وسيرورتها التاريخية.

ما الذي ينقص الأردنيين للتخلص من التشكيك الدائم، الأردن بلدٌ مؤسس في جامعة الدول العربية، واندماجه في الشروط الحديثة للعالم كان مبكرًا قياسًا بكثير من الدول العربية الأخرى، ولديه ذاكرة طويلة المدى تجعله حاضنة حاضرية مهمة، وذاكرة دولة ومؤسسات تعتبر نموذجًا في المنطقة ولها مكانتها العالمية على العديد من الأصعدة، فلماذا تصدر الأحكام على الأردن والأردنيين ضمن كتالوجات جاهزة، ومفاهيم تخضع للمصادرة الأولية من أصحابها، ليطالبوا بعد ذلك بالقص واللصق للتناسب أحكامهم.

ثم وتأتي قصة السفارات، وهنا يظهر أن التمييز يتلاشى بين السفارة والقنصلية، فالسفارات تعمل بوصفها جزءًا من الدبلوماسية والعلاقات الدولية، ومن الطبيعي، بل والمتوجب على أي سفير أن يتواصل مع النخب في البلد التي يخدم فيها، وأن يستمع منهم، ولآرائهم، وعلى هذه النخب أن توظف هذه الفرصة في خدمة بلدانها، سواء من خلال تقديم النقد لسياسة دولة السفير، أو محاولة تعديل سياساتها تجاه قضية معينة، ولكن أن تتطوع هذه الشخصيات من أجل تقديم الخدمات ومن أجل محاولة التمثيل، فهذه مسألة أخرى تمامًا تلحق بالشخص نفسه، وبخياراته، وليست ذات صلة بقضية وجود السفارة أو عدمها، وعادةً ما تكون هذه النوعية من الشخصيات مستعدةً لتقديم الخدمات لأي سفارة سواء كانت ترعى توجهاتها أو تعارضها.

السفارات الأردنية في المقابل يجب أن تعمل بهذه الطريقة، والسفير عليه أن يمثل الأردن على جميع الأصعدة، ومن ذلك لقاءاته المستمرة مع المسؤولين الرسميين، والقيادات المجتمعية، والإعلاميين وغيرهم، فإذا كان بعض السفراء لا يمارسون هذا الدور أو لا يتقنونه، فذلك لا يعني أن الأردن بدوره لا يقوم بنفس الدور الذي تلعبه سفارات بلدان عدة في الأردن.

توجد سفارات دول مؤثرة، وأخرى اقليمية، سفارات لمشاريع، ويوجد بين الأردنيين من يقتنعون بمشروع السفارة، أو يبحثون عن علاقة تبادلية نفعية معها، وفي جميع الأحوال جميعهم أردنيون يمارسون فعلًا سياسيًا طالما بقيت حدوده ضمن الأطر القانونية والشفافية التي تعني الحديث المسؤول.

تنظم بعض السفارات والمنظمات التنموية أنشطة تروج لأفكار معينة وذلك صحيح، وهي توظف أيضًا وراء حدودها وحدود الدول المستضيفة من خلال الإعلام والدراما، ويبقى الحكم على نجاح دورها أو فشله أمرًا يخصها، وفي المقابل يمكن الحكم على نجاح أو فشل المؤسسة المحلية من خلال الدور الذي تمارسه على نفس المستويات الثقافية والفكرية، فالحرب الثقافية الناعمة هي جزء من تغيير العالم، ويبدو أن الغرب ينجح في ذلك إلى حدود بعيدة، فمثلًا نرتدي الملابس الغربية ليس لأن السفارات فرضت ذلك، أو منظمات التنمية، ولكن لأن الثقافة العالمية تمكنت من الوصول إلى هذه المنطقة التي لم نكن نمتلك بديلًا لها.

كما أن المسألة لا تمضي في اتجاه واحد، فكما تدعم السفارات والمنظمات توجهات معينة في بلدان أخرى، تدعم العديد من الدول العربية توجهات مقابلة، مثل الدعم المقدم للمراكز الإسلامية في الغرب، وللسفارات العربية دور واضح ومؤثر في دعمه وتمويله وخوض معاركه أحيانًا.

السفارة ليست جهازًا استخباراتيًا، والدول لا تعدم مصادر المعلومات خارج الإطار الدبلوماسي، وعادةً ما يكون التداخل فشلًا في إدارة العمل الدبلوماسي، وتوجد إجراءات دبلوماسية واضحة للتعامل مع هذه الحالات، أما من يرى العالم مغلقًا وينظر له من منطق الخنادق، ويبدأ في وصم الجميع بالجملة، فهو لا ينتمي إلى عصر أصبحت كل حروبه الفكرية والثقافية في الضوء الساطع والهواء الطلق.

الليبراليون منفتحون في تصرفاتهم لأنهم لم يمارسوا العمل تحت الأرض، ولأنه يتناقض مع أدواتهم بشكل عام، ولا يمكن أن نحاصرهم بمصطلحات نشأت في زمن العمل تحت الأرض، وكل ما هو مطلوب الشفافية والمكاشفة مهما كانت الدعوة التي يحملونها تبدو مخالفة ومناقضة لآراء الكثيرين، لأن الإقصاء لا ينتج شيئًا سوى انتفاخات ذاتية مقنعة تبحث عن حصة في السلطة التي تعني أن طريقها هو الوحيد الصحيح، ورؤيتها، دون غيرها، هي السليمة والشاملة.

الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :