يمر خبر منحة البنك المركزي لأوائل التوجيهي كل عام دون إثارة ما يستحقه من بحث ونقاش.
البنك يقدم 12 منحة لأوائل التوجيهي موزعة على المحافظات.
المنحة تتضمن تكفل البنك برسوم التعليم الجامعي للحاصلين عليها، وتضمن لهم التوظيف في المركزي بعد التخرج من تخصصات محددة مثل التمويل والمحاسبة والاقتصاد.
تواصلت مع محافظ البنك المركزي للاستفسار عن طبيعة المنحة، وعن النتائج على أرض الواقع.
المحافظ أكد أن عددا من الحاصلين على المنحة السنوية انضموا فعلا لكادر البنك المركزي، وأن أداءهم مبشر ويفوق التوقعات.
أول ما يخطر في البال أمام هذه النتائج إمكانية استنساخ التجربة للوزارات والمؤسسات والشركات الحكومية.
أستذكر هنا مبادرة خلال حكومة الدكتور عبدالله النسور عام 2015 لاستثناء الطلاب الأوائل من دور ديوان الخدمة المدنية لغايات تعيينهم في الوظائف الحكومية.
وقد حالت العوائق القانونية حينها دون تبني المبادرة بالشكل الذي كان مأمولا.
ولا نعرف اليوم إذا ما كانت إصلاحات القطاع العام، ونظام الموارد البشرية الجديد، تتضمن التسهيلات المطلوبة لتبني فكرة المنح المنتهية بالتوظيف في الوزارات والهيئات الحكومية.
ولكننا على الأقل لم نسمع شيئا بهذا الخصوص. كما أننا لم نسمع عن مبادرات ومنح مماثلة من الشركات الحكومية، مثل الفوسفات، والبوتاس، والملكية الأردنية، وشركات المياه والكهرباء.
تبني هذا النوع من البرامج يحقق حزمة من الأهداف مرة واحدة، أهمها رفد القطاع الحكومي بالكفاءات، والحد من المحسوبية في التعيينات، ودعم المتفوقين بشكل عام، ومتفوقي المحافظات تحديدا، في ظل فجوة متسعة في إمكانيات ونوعية التعليم بين المدارس الحكومية والخاصة.
ولا ننسى ما تشكله مثل هذه البرامج من حافز للطلبة المتفوقين لعدم العزوف عن الوظائف الحكومية. وأيضا لاختيار التخصصات المشترطة في المنح، والمطلوبة سوقيا، بدلا من لحاق الخيارات التقليدية والانطباعية البعيدة عن حاجة الاقتصاد.
لا يعني هذا الطرح حصر جميع الوظائف الجديدة ببرامج المنح، إنما خص هذه الفئة المتفوقة من مختلف المحافظات بحصة معينة من التعيينات الجديدة.
الدولة بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى الاستثمار في الكفاءات الأردنية ابتداء من مقاعد الدراسة.