رؤية الأثرياء للتحديث الاقتصادي والاجتماعي
الدكتور علي فواز العدوان
21-08-2024 03:35 PM
كتاب التفاهة أو "La Médiocrité" للكاتب الفرنسي آلان دينولت (Alain Deneault) يتناول موضوع التفاهة كظاهرة اجتماعية وثقافية واقتصادية متفشية في المجتمعات الحديثة.
في هذا الكتاب، يستعرض دينولت كيف أصبحت "التفاهة" أو "المتوسطية" معياراً للأداء والنجاح في العديد من المجالات، بما في ذلك الاقتصاد والسياسة والثقافة، وهذا يؤثر بشكل كبير على رؤية الأثرياء والمشاهير للتحديث الاقتصادي والاجتماعي.
رؤية الأثرياء والمشاهير للتحديث الاقتصادي والاجتماعي وفقاً لدينولت تعتمد على التركيز على المظهر والشكل بدلاً من الجوهر يرى دينولت أن الأثرياء والمشاهير يساهمون في تعزيز ثقافة التفاهة من خلال اهتمامهم بالمظاهر الخارجية والشكلية على حساب المضمون والعمق. ففي عصرنا الحديث، يتم التركيز على تحقيق النجاحات السريعة والمظاهر البراقة بدلاً من الاستثمار في التطوير الحقيقي والابتكار.
اللامبالاة بالعدالة الاجتماعيه يرى دينولت أن بعض الأثرياء والمشاهير يدعمون سياسات اقتصادية واجتماعية سطحية تخدم مصالحهم الشخصية وتضمن استمرار نفوذهم. هم يفضلون الإبقاء على الوضع القائم الذي يسمح لهم بالاستفادة من الفوارق الاقتصادية والاجتماعية.
المساهمة في تعزيز ثقافة الاستهلاك يدعو دينولت إلى انتقاد دور الأثرياء والمشاهير في تشجيع ثقافة الاستهلاك التي تعزز القيم التافهة مثل الاستهلاك المفرط والتسابق نحو اقتناء الأشياء دون التفكير في عواقب ذلك على المجتمع والبيئة.
همال الابتكار الحقيقي والتغيير الجذري يتهم دينولت النخب الاقتصادية والاجتماعية بتجنب المخاطر المرتبطة بالتحديثات الاقتصادية والاجتماعية الحقيقية، وذلك خوفاً من فقدان مصالحهم. يفضلون الترويج لحلول سطحية وسهلة المنال بدلاً من دعم تغييرات جوهرية تتطلب تفكيراً عميقاً ومخاطرة.
تعزيز الهويات الفردية على حساب الهوية الجماعية من خلال التركيز على النجاحات الشخصية والقيم الفردية، يعزز الأثرياء والمشاهير ثقافة التفاهة التي تُهمش العمل الجماعي والتضامن الاجتماعي الضروريين لتحقيق التغيير الاجتماعي الإيجابي.
في كتاب "التفاهة"، يقدم آلان دينولت نقداً لاذعاً للنخب الاقتصادية والاجتماعية الذين يساهمون في تكريس قيم التفاهة والمتوسطية في المجتمعات الحديثة. من خلال سياساتهم وخياراتهم، يعززون الوضع الراهن الذي يخدم مصالحهم الشخصية على حساب تحقيق تطور اقتصادي واجتماعي حقيقي. يعتبر دينولت أن هذه التفاهة تمثل خطراً على مستقبل المجتمعات، حيث تُعيق التفكير النقدي والإبداع الضروريين لتحقيق تقدم حقيقي ومستدام.