الذكرى السادسة على رحيل د. موسى المعطي التعمري
يوسف عبدالله محمود
21-08-2024 12:21 PM
حين زرته في غرفة الانعاش باحدى المستشفيات الخاصة بعمان، فوجيء بزيارتي، تسللّت الدموع الى عينيه، حاول ان يغالبها، فلم يستطع، الدموع تمردت، حاولت التخفيف عنه، وهنا استرد بعض قواه وراح يذكرني ببيت الشعر الذي كنت أردده على مسمع منه كلما رحل عنا احد الاحبة: "وما المال والأهلون الا ودائع ولا بُد يوماً ان تُرد الودائع"
ثم اردف قائلاً: حان الآن ردّ الوديعة الى مودعها!
رحل عنا ابن العم ورفيق الدرب الدكتور موسى محمد المعطي ابن عشائر "التعامرة".
نشأ في أسرة كادحة، ألمعياً كان في جميع مراحل دراسته، في عام 1954 كان ضمن الثلاثة الاوائل في المملكة في شهادة التوجيهي. بعد حصوله على "التوجيهية" تم ابتعاثه الى جامعة القاهرة لدراسة لطب على نفقة وكالة الغوث الدولية.
ألمعيته وذكاؤه المتقد تجليا حين حصل على المرتبة الاولى في كلية الطب. كَرَّمه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. ولدى عودته الى الوطن تشرف بمقابلة المرحوم جلالة الملك الحسين بن طلال الذي امر فوراً بتعيينه مساعداً لمدير المستشفى الحكومي في بيت لحم.
د. موسى المعطي الذي رحل عن هذه الدنيا الفانية قبل ثلاث سنوات هو واحد من اسرة عشق افرادها العلم وعشقهم العلم. احد اشقائه لنبوغه وتفوقه شغل قبل تقاعده رئيس القسم الهندسي بشركة "باكتل" إحدى الشركات الامريكية العملاقة، وأشقاؤه الآخرون عُرفوا بتميزهم الاكاديمي.
رحيلك يا صديق الطفولة ورفيق الدرب موجع، موجع. لكنها الحياة لا اعتراض على واهبها لبني الانسان، فالموت حق، ترحل عنا مبكياً على مناقبك الحميدة. ترحل ولا ترحل، فذكراك باقية. ودعناك كما ودعنا احبة آخرين ذكراهم ستظل باقية ما امتدت بنا الحياة.
أكرر قول الشاعر العربي القديم: "وما المال والأهلون الا ودائع ولا بُد يوماً ان تُرد الودائع"
ليت بني البشر يتعظون فيتناسوا الاحقاد والضغائن. ليتهم يرون في الموت دروساً وعظات تُعمق المحبة في نفوسهم. ليتهم!
ليت مشعلي الحروب يستيقظ حسهم الانساني فيردعهم عن الشرور التي يذهب ضحيتها الابرياء من بني الانسان.
ما أبهى عالماً يسوده السلام! ما أبهى عالماً يسوده التوادّ والتواصل بين البشر. عالماً نبني فيه ولا ندمرّ.
حياتنا التي نعيش هي معبر الى الحياة الاخرى. الى الآخرة. فلنعبرها انقياء من الذنبوب، طاهري الإهاب.
ولمستبدي العالم من القادة والزعماء، أقول: ثوبوا الى رُشدكم. هناك يوم للحساب حين تقفون بين يدي ربكم ليحاسبكم على ما جنت ايديكم من جرائم بحق بني الانسان. يوم لا شفيع يشفع الا لمن جاء ربه بقلب سليم.
البشرية ظمأى الى "السلام" ظمأى الى عدالة اجتماعية ترفع عن المضرورين الضُّر والعناء.
ازرعوا المحبة في الارض بدل زرعكم للدمار.
youseffmahmouddd34@gmail.com