المصالحة الفلسطينية: ذلَ من لا سيف له!
عاصم العابد
08-05-2011 03:33 PM
يسعى نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل، بكل السبل إلى إفشال اتفاق المصالحة الفلسطيني - حسب الإذاعة العبرية -، علاوة على لجوئه إلى مختلف وسائل الضغط، الاقتصادي والحياتي والأمني على السلطة الوطنية، والاستعانة بقادة وزعماء غربيين، للمساعدة في درء خطر هذا الاتفاق عن إسرائيل، في الوقت الذي تتوكأ حكومته العدوانية المراوغة، على اكبر قاعدة تحالف، مع الأحزاب اليمينية اليهودية العنصرية المتطرفة، المعادية للعرب والمناوئة للسلام، ولا احد يتدخل في الإمعان بالتحالفات العدواني، وحسب هآرتس-الجمعة- ، فإن حكومة نتنياهو «واحدة من الحكومات الأكثر يمينية وقومية في تاريخ الدولة الأسرائيلية».
ويتجلى عداء حكومة نتنياهو للعرب وللسلام، في إمعانه بمقاومة اتفاق المصالحة الفلسطيني، رغم أن وزارة الخارجية الإسرائيلية، أعدت تقريرا سريا - حسب صحيفة هآرتس-، يعتبر المصالحة الفلسطينية، فرصة إستراتيجية ايجابية، من شأنها أن تخدم المصالح الإسرائيلية، ويتضمن التقرير توصيات، تعتبر متناقضة مع النهج السياسي المعارض لإتفاق المصالحة، الذي يقوده نتنياهو حاليا، باعتباره سيوفر شريكا فلسطينيا موحدا للتفاوض مع إسرائيل.
على تلك الخلفية النافرة، من الضروري أن يأخذ الفلسطينيون الحذر الشديد، رغم التجاوز العلني البروتوكولي لحاجز الصراع الداخلي ولسياسة المحاور والاستقطاب، ولحفرة الانهدام الكبرى، وطي الصفحة السوداء، بين حكام قطاع غزة وحكام الضفة الغربية المحتلة، ولذلك ندعو إلى الإصرار على الوحدة الوطنية الفلسطينية، التي ستواجهها الأعاصير العاتية، المنتظرة وغير المنتظرة، لإفشال هذه المصالحة، والعودة إلى الصراع الطاحن، الذي سيسعى نتنياهو إلى إعادة بعثه، ولنا تجارب مؤلمة طازجة مع مصالحة فتح وحماس، كما جرى لمصالحة مكة – شباط 2007- التي صمدت 4 شهور لا غير، رغم ان التوقيع تم تحت استار الكعبة وان العهود قطعت هناك على اخلاص النية والطوية.
الفتن والأعاصير والإبتزازات العاصفة، التي نتوقع هبوبها اليوم قبل الغد، ستكون من منشأ فلسطيني وإسرائيلي وإقليمي ودولي، وليس يفيد في ابطاء انفلاتتها، الا تحويل المصالحة الكاميراتية الإعلامية، التي أخرجها القادة المصريون الجدد - لأسباب داخلية بالدرجة الأولى وقطفوا رحيقها قبل ان تبدأ - الى مصالحة فعلية صادقة على ارض فلسطين، المبتلى شعبها المناضل الجسور العظيم، بالاحتلال الوحشي والعسف والجمود وهزال التكتيك السياسي وانحسار هامش المناورة الى درجة خانقة.
إن الضمانة الكبرى، لإستمرار ولتطور المصالحة الفلسطينية، ولتحقيق الأهداف المعلنة، وأبرزها هدف قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على الأرض الفلسطينية، هو في اعادة التوازن الدقيق الان، الى شعار «البندقية وغصن الزيتون» الذي رفعه الراحل ياسر عرفات، وفي تشكيل إطار شعبي فلسطيني صارم مؤثر، هو في الحقيقة سيف الشعب الفلسطيني المسلول، ليكون جاهزا لضرب أعداء الداخل، ولسوق السياسيين المتخاذلين الانتهازيين، إلى جنّة الوحدة الوطنية، بالسياط وبالسلاسل، أو بالعزل وبالخلع.
لقد سقطت بالمصالحة، الذرائع الإسرائيلية المتصلة بشرعية وواحدية التمثيل الفلسطيني، وسقطت أيضا الذرائع الفلسطينية المتصلة بالتخوين والعمالة والائتمار بالخارج والتآمر العربي والدولي، وسقطت الذرائع الإسرائيلية المتصلة بحصار غزة وإغلاق معبر رفح، تبشيرا برفع المعاناة عن أهلنا في قطاع غزة، وتمهيدا لإعادة إحياء القطاع وبنائه، فالمعبر لن يكون بعد اليوم بإمرة حماس، لتسقط بذلك ذريعة إسرائيل، بالخشية من سيطرة «الإرهابيين» على المعبر.
المصالحة الفلسطينية ليست نهاية، بل بداية المسيرة الطويلة، التي هي اطول من مسيرة «ماو تسي تونغ» اثناء الحرب التحررية الصينية الكبرى، على طريق شائك مليء بالمصاعب والتحديات والمؤامرات والوقائع - جمع وقيعة - والمخاضات والدوامات، ويحتاج إلى نكران ذات ونكران فصائلية والى عزائم وقدرات واخلاص ووفاء لدماء الشهداء ولمعاناة آلاف الأسرى والثكالى والأيتام والأرامل، والى تلبية حقوق اللاجئين الراسخة المشروعة المقرة دوليا، المتمثلة في العودة إلى وطنهم فلسطين الذي اقتلعوا منه، بالتآمر الدولي وبخيانة الحلفاء وبالغدر وبالحرب والعدوان والمذابح.
وندعو الله ان لا ينطبق المثل القائل: «يا حبّذا الإمارة ولو على الحجارة».
Assem.alabed@gmail.com
(الرأي)