الجندي الذي كان مأخوذا بجنديته وبزته المنشية يرحل اليوم بعدما ودع غالبية أجياله من ابناء حي الطفايلة الذي اقام فيه منذ ان كان طفلا ويافعا في اربعينيات القرن الماضي.

قليلون هم من حلوا في العقد التاسع او لا يزالوا على اطرافه وهم أحياء فقد شهدت الاعوام الاخيرة رحيل عدد غير قليل من اقاربنا الذين اتعبتهم السنون واهوالها.

الرجل الكامل الودود يرحل اليوم عن رحلة عمر بذل فيها كل ما لديه وأعطى لوطنه واسرته وابنائه كل ما تحصل عليه من جهد وخبرة وحكمة ووقار.

الشقيق الاكبر لابو رائد والمربي الفذ سليمان الربيحات يودع الدنيا اليوم معلنا نهاية جيل من ابناء عمومته واشقائه عملوا وعاشوا كاسرة واحدة متماسكة..

قليلة هي المرات التي التقيت فيها ابو عاصم في السنوات العشر الاخيرة ومع ذلك كان يشعرني وكأننا افترقنا قبل لحظات فهو ودود وعفوي أتقن أداء أدوار الاخ الاكبر فكان اخا لنا جميعا ينثر الود وينبذ الفرقة ويحث على التواصل..

في بواكير حياته العسكرية كان واحدا من اكثر شبابنا اناقة ومهابة وحرصا على توظيف ملامحه الصارمة لعكس صورة الجندي الصلب الذي فهم رسالة الجندية وغاياتها وحمل صورتها الذهنية على خير وجه ومثلها احسن تمثيل.

بالرغم من تقدمه في العمر والرحيل المبكر لرفيقة دربه بقي ابو عاصم الاب الحنون الراعي للأبناء يتابعهم عن قرب ويذلل كل عقبة تواجههم ويحرص على ان ينقل لهم القيم والمثل والاعراف التي تربى عليها.

برحيل ابو عاصم اليوم يفقد حي الطفايلة رجلا وازنا حكيما وتفقد عشيرة الربيحات واحد من الرجال الذي عمل على بناء وحدة العشيرة وتماسكها وبقي مكرسا ومنحازا الى كل ما فيه الخير والرفعة لاقرباءه واصدقاءه وابنا الثوابية والطفيلة والاردن.

رحم الله ابو عاصم واسكنه فسيح جنانه والهم أسرته وابناءه الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون.