الأردن لا يهزه جحود الحاقدين
د. عاكف الزعبي
19-08-2024 12:23 PM
ما يزال الأردن دولة ونظاماً تحت غمزٍ ولمزٍ دائمين من تيار الإسلام السياسي الذي يطمح على ما يبدو إلى محاصصة النظام في إدارة الدولة. وقد أعرب عن طموحه هذا بوضوح في محاولته للإستقواء على النظام أثناء فترة ما سمي بالربيع العربي. وهو يعاود الكرة ثانية منذ بداية العدوان الصهيوني الأمريكي الوحشي القائم اليوم على أهلنا في غزة ومقاومتها الباسله.
إعتادت أن تخاصم الأردن نظاماً وقيادة أيضاً فئات تصنف نفسها قومية ويسارية من بينها من شبع مبايعة لأنظمة عربية دكتاتورية وتصفيقاً لقادتها الملهمين مقدمة سقوط البلاد على سقوط تلك الأنظمة. لكنها لا تتحرج اليوم أن تذوب ديمقراطية صافية في الأردن فلا تتنازل عن ديمقراطية أقل من تلك التي تنعم بها الدول الإسكندنافية، كما لا تتحرج أن تتنكر لنظام الأردن وقيادته اللذين حافظا على دولة وشعب عزيزين من جرائم التقتيل ومجاهل التشريد واللجوء المذل.
وثمة قوم آخرون يغيظهم ويحرج مواقفهم إنكشاف خواء شعاراتهم وولاءاتهم التاريخية بعدما أثبتت الأيام والتجارب مصداقية وحكمة المواقف الوطنية والقومية الأردنية. لكنهم لا يريدون الاعتراف بخطايا ما تربوا عليه ويحملونه من خصومة للأردن ونظامه. هؤلاء تصيبهم الحكة وأعراض الحساسية كلما تذكروا ما آل إليه رهانهم على أنظمة وقيادات عربية تسببت بهزائم قطرية وقومية شائنة. وظلوا أسرى مشاعرهم المريبة تجاه الأردن يحرصون على شحنها وتفعيلها كلما لاحت لهم الفرصة.
على الأردنيين والفلسطينيين أن يتذكروا جيداً مواقف الأردن الثابتة أمام إنتكاسة النظام العربي الرسمي في قمتي الرباط والدار البيضاء في خطوته الاولى للتخلي عن القضية الفلسطينية وإحالة كامل مسؤليتها لمنظمة التحرير وحدها، وكيف قاد ذلك لاحقاً إلى إعلان النظام قبوله بما يقبل به الأشقاء الفلسطينيون واتباع ذلك بخطوة ثالثة بتسمية الصراع العربي الإسرائيلي بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي وهو ما أفضى إلى محطة أوسلو، ومن بعدها إلى الإتفاقيات الإبراهيمية، تلاها إصطفاف دول عربية أخرى تنتظر دورها للإعتراف بإسرائيل.
ما يزال الأردن صامداً ثابتاً على مواقفه القومية لا يتبدل ويقدم في ملحمة شعب غزة ومقاومتها الاسطورية ما لم تقدمه أي دولة عربية أخرى سياسياً ودبلوماسياً وإعلامياً وحضوراً دولياً متميزاً وإغاثة غذائية ودوائية وصحية علاجية متفوقاً على كل إمكانياته. وهو اليوم بشعبه ونظامه وقيادته يتجاوز بفخر عتبة الصمود والثبات الآمن والمستقر ملجأ بثقة مستحقة للدخول في مئويته الثانية بكل عزم وإقتدار رغم كل الجحود والجاحدين.