أكثر ما بزعجنا عند الخسارة في الشطرنج هو عدم الانسحاب في الوقت المناسب، من البداية ترى خصمك يستخدم الذكاء الاصطناعي ومع ذلك تحارب لآخر قطعة، والأصل أن تنسحب مع أول حركة فائقة للروبوت.
من الواضح أن اسرائيل وصلت مرحلة متقدمة في القوة العسكرية، ومن خلال عملية اغتيال اسماعيل هنية في مقر الحرس الثوري وبالجوار من (آية الله علي خامنئي) نستطيع التقدير بأن هناك تداخلات لن تتضح قبل الخسارة المذلة نتيجة عدم تقدير الخصم والتقليل من قدراته الفائقة، يهذه الحالة يكون الخطأ الفادح أو (البلندر) هو ليس الخسارة ، وإنما الخسارة المذلة.
تداخلات حول اختلاف رواية الإعلام الرسمي الإيراني عن طريقة اغتيال هنية مع رواية الحرس الثوري, اختلافات تعجز معها عن التمييز بين الإنقسامات والاختراقات، فيتم تجهيلك بروايات القنبلة المزروعة والصواريخ القريبة أو الطائرات المسيرة، وكل هذه الروايات تقودك لحقيقة واحدة، اختلافنا مع النظام الإيراني لا ينفي حقيقة أنه لاعب سياسي برتبة استاذ دولي.
كان افضل خبر في المنطقة منذ احتلال غزة هو فوز مسعود بزشكيان بالرئاسة الإيرانية، فالرجل ليبرالي معارض لشرطة الأخلاق المتورطة بدم الأبرياء، لقد خرج بزشكيان مع المتظاهرين إحتجاجا على قتل بهسة أمينة، وردد عبارته الشهيرة والتي قادت الإيرانيين لانتخابه: كل نساء ايران بهسة أمينة!.
كان بزشكيان فرصة حقيقية للسلام وتقارب وجهات النظر ، ثم جاء خبر اغتيال اسماعيل هنية الذي حمل بزشكيان على تشكيل او القبول بتشكيل حكومة محافظة على عكس المتوقع، وتبع ذلك انسحاب جواد ظريف من هذه الحكومة، لنقف بصمت بحثاً عن الخطوة التالية في هذه اللعبة التي استنزفت كل رغبات الاستمرار في الأمل بحثاً عن السلام!.
كان اسماعيل هنية من خلال المفاوضات يشكل طرف الخيط وقشة الغريق الذي تمسكت به أسر الرهائن الإسرائيلية في قبضة حماس ، وكان لا بد لنتنياهو أن يقطع هذا الأمل ليس لأن نتنياهو صاحب القرار، وإنما لأن استمرار سيناريو المخطط الأكبر يستدعي موت أحد الأبطال!، فما هو المخطط ؟.
إن حرباً إقليمية لا تعني حربا بين إسرائيل وإيران، بل أن مصطلح الحرب الإقليمية بحد ذاته مظلل ، لأن الحرب في هذه الحالة ستكون بين الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وحلفائها من جهة وبين إيران من جهة أخرى، إنها فيروس متحور لنكبة فلسطين ونكسة حزيران وغزو العراق.
قد تكون ايران تخطط للرد وقد يتأخر الرد، من الممكن أن يحمل الرد مفاجأة وربما يكون عدم الرد هو الرد!، ولكن حتى هذه الساعة فالرد الإيراني على درجة عالية من الذكاء لينجح النظام الإيراني بهذا الاختبار كأستاذ دولي يقبل الخسارة ويتفادى الخسارة المذلة!.