في صناعة الرأي العام، تبرز الفكرة أو المشكلة فتتبناها مجموعة معينة للحفاظ على مصالحها، سواء بالدفع أو بالقبول، حيث يتم طرحها للنقاش، وبعد ذلك يتم إبرازها لتصبح قضية مطروحة للرأي العام، إما بتبني هذه الفكرة أو المشكلة أو الدفع بها أو رفضها.
ما دعاني للحديث عن هذا الأمر ونحن على أعتاب انتخابات نيابية، هو بداية الحملة الإعلانية للمرشحين والقوائم على حد سواء، حيث تشارك فيها الأحزاب من خلال القائمة العامة أو من خلال الدوائر المحلية.
وهنا أود أن أتحدث عن مدنية الدولة وما شاب هذا المصطلح من تشويش لدى الرأي العام الأردني، فوقع الرأي العام فريسة للمصطلحات دون النظر بعمق في ماهية هذا المصطلح والقيم التي يحملها.
وهنا لا بد أن أشير إلى أن هناك تيارات موجودة في المجتمع الأردني معنية بإبقاء الوضع القائم على حاله نتيجة مكتسبات حققتها خلال عقود من السنوات السابقة تحت فزاعة الهوية الوطنية الأردنية.
وأذكر هنا أن اللجنة الملكية تحدثت عن الهوية الوطنية الجامعة، وهي تعني أن الهوية التي يجب أن نذهب بها إلى الفضاء العام هي هوية أردنية وطنية واحدة، بعيدًا عن الهويات الفرعية مهما كان شكلها، سواء مناطقية أو دينية أو طائفية أو عشائرية. فالجميع يجب أن يتوجه إلى الدولة بهويته الأردنية فقط.
إن جلالة الملك في أوراقه النقاشية تحدث بشكل واضح عن مدنية الدولة، وللعلم نحن كأردن منذ التأسيس دولة مدنية بامتياز من خلال مواد الدستور الأردني التي تحدثت عن حقوق وواجبات المواطن الأردني ضمن البعدين العربي والإسلامي.
ومن هنا، على الأحزاب المشاركة في الانتخابات عدم الوقوع في شرك المصطلحات، بل يجب التركيز على القيم والبرامج التي يتبناها الحزب أو التيار، والتي تتقاطع بشكل كبير مع مصالح المواطنين.