جموع العائدين إلى المدارس
نبيلة سلطان الخزاعلة
18-08-2024 12:08 PM
ها هي جموع الطلبة تعاود المسير نحو المدرسة، ها هي المدارس تفتح اذرعتها مجددا لتحتضن أبناء الوطن، آمال أهلهم الدفينة وطموحاتهم المغلفة بالشوق للنجاح والتميز، هذا هو الحال كما كل عام أن يبدأ عام دراسي جديد يضيف ويعيد ويرتب ويغير، إنها عجلة الحياة التي لن تتوقف عن الدوران كمطحنة تلقف ما فيها، فتذيب الوقت وتصهره فتنبت أجيال جديدة، مخلفة ورائها أجيال قديمة تحمل تلك الذكريات الواعدة، حيث تغص الذاكرة بذكرى جيل حمل الحقيبة الثقيلة وسار بها مسافات قصيرة أو طويلة حين هطل المطر وبلل الزي المدرسي أو حين سكبت الشمس جام حرها فانهكت الكبير قبل الصغير.
ذكريات لا تموت رغم مرور الوقت حيث الصحبة التي لن يعيدها بقاء المكان، حيث المعلم الإنسان الذي علقت له صورة مثالية في عقولنا.
الذكريات التي لا تفتر تمر وتمر رابتة على كتفي الطموح والشغف والحماس الذي قتله الوقت وحطمه الإنتظار وشيعته تكافؤ الفرص إلى مثواه الأخير.. فسلام لحاملي الذكرى الجميلة ودافني الكنز القديم في قلوبهم.
سلام وألف تحية للأمهات المستيقظات ليكون الطالب بخير وسلام للمعلم الإنسان صاحب الرسالة، وسلام للأب الحاني الذي لا ينام حتى جهز ما يبدأ به اليوم، وما ينطلق به ابنه بكرامة تحفظ للأبناء هيبتهم، وكان قبلها قد قاتل الوقت وضعف الدخل وقلة المصدر ليتم للأبناء تمام الجهوزية للقاء العام الدراسي، سلام للأب الذي حمل فوق كاهله هما يفوق ثقل الحقيبة عشرات المرات حين عجز عن الجهوزية وفشل في إتمام الأمر لقلة الحيلة وضئالة ذات اليد، فامتلئ القلب حسرة، ومنهم من فاضت عيناه دمعا لن يمسح شعور الخطيئة رغم مقدمات التوبة.
سلام للأسرة الاردنية القابضة على جمر الكرامة والتي ترسل أبنائها اليوم ليكونوا بناة غد.
سلام لمن يكافحون من الطلبة للوصول والتحقيق، سلام لهم وقد انطلقوا من مراكزهم الصيفية و انديتهم الي مدارسهم مباشرة دون إتمام الوقت المعهود و الإجازة المعروفة، سلام للمعلم الإنسان الذي يحتمل جيلا تكاد تصنعه التكنولوجيا روبوتا.
سلام للمدارس وهي منارات علم وتقدم وازدهار وحاضنات فكر و إبداع، فكم من عظيم رفيع الشأن أدرك موهبته في المدرسة، وعرف أين الإزميل اللازم لشق طريقه في دروب المدرسة.، فابدع وانجز.
سلام على عام دراسي ذهب وانتهى، بل وانهي معه حياة الطلبة والمعلمين وحتى مدارسهم مرسلا اياهم إلى عالم الشهادة حيث يحتسبون أجرهم وصبرهم في غزة الجريحة.
المدارس تلك التي لا تنام قبل أن تمر على قلبك صور من صورها وترسم بذكرى الطبشورة ضحكة قديمة على سبورتها، وتنقش أملا قد لا يموت فيك وان تدافع الدموع لتلك الأشواق الدفينة.