د. سبايلة يكتب : لماذا لم تصنع الدولة رموزاً ؟؟
د. عامر السبايلة
07-05-2011 03:45 PM
سؤال لا بد لكل أردني اليوم أن يقف ويسأله , لا بل يتجاوز السؤال بالسعي جاهدا للاجابة عليه : " لماذا لم نستطع صناعة رموز وطنية بالرغم من مرور سنين طويلة من الحراك السياسي؟ و بالرغم من الاعداد التي لا تحصى من الشخوص التي تصدرت مسرح السياسية سواء بلعب دور البطولة او حتى الكومبارس.
الجميع اليوم لا ذكر لهم في صفحات الرموز الوطنية التي لازالت تحافظ على نصاعة بياضها. لا بل على العكس ما من احد دخل لدائرة العمل السياسي الا وكُتب اسمه في لائحة الاتهام المتبادل التي تُكتب لانهاء واغتيال الشخوص ، فالبطل يصبح خائناً, والغني يصبح فاسداً, و العملاق يضحي قزماً ، والا فهل يعقل أن لا تنتج دولة رموزاً وطنية وان يكون الجميع فاسدون ومستغلون ولصوص.
ان اي باحث او دارس للتاريخ يدرك تماماً ان هناك من تآمر على التاريخ الأردني وعمل على عدم توثيقه, فقزم شخوصه واسقط ذكرهم وحرمنا وابناؤنا اليوم من صورة الوطن المتلألأ بأبناءه وصور العز والفخر التي تعزز الانتماء و تجدد دائماً الولاء لكل حبة من تراب هذا الوطن بعيداً عن الشخوص و الشعارات الزائفة و المنافقين الذين سئم النفاق نفاقهم.
وتثبت الأيام أن هناك من أراد دائماً تجريد الأردنين من ثوبهم وشخصيتهم, وفرض ثوباً جاهزا عليهم. ثوبٌ هو أقرب ما يكون لبزة السجن التي تفرض على الجميع. وهكذا فُرض نمط حياة قاتل للابداع والتفكير هدفه ضرب الشخصية و تشكيل نموذج مُفرغ من المحتوى الحضاري والثقافي الحقيقي ، فساد شعور ان هذه الأرض مستحدثة وانها دون تاريخ وان سكانها غير أصليين, فأصبح تاريخهم مُنكر وشخوصهم أوهام وعاداتهم تخلف, و أسماؤهم و صفاتهم مدعاة للتندر ، فهل من الممكن الاعتزاز بما نملك بعد ذلك؟.
لا بد للأردنيين اليوم من الانتصار على كل قوى الفتنة والظلام, تلك القوى التي تآمرت دائماً على رجولة كل فرد من أفراد المجتمع. فهم لم ينظروا لنا بأكثر من نظرة المستثمر الذي يطمع في جني أرباح استثماراته من خلال شركته. فيتفق مع "رفاقه" المساهمون على الطرق الأمثل التي تجلب لهم رغد العيش دون الاكتراث بهوية او حضارة. فيضربوا و ينقضوا على كل ما يثيت ارتباط المكان بالتاريخ و يهشموا صور التراث و كأنه عار و لا بد من التخلص منه. و هكذا فمن الطبيعي ألا يقبل مجتمع المساهمين هذا بالحقائق والمبدعين, بل بالتابعين من عبيد المال والشهوة و الأعراف والمسميات التي يبتدعها له مغتصبوا الأرض. فتنقلب المسميات و يصبح الجاهل هو العاقل و الأحمق هو الحكيم و المسؤول هو الفيلسوف الذي تصغي له الاذان و تصفق له الراحات.
يعلم الوطنيون الأردنيون ان الوطنية تعني حب الخير العام و تفضيل مصلحة الأكثرية على مصلحة الأقلية, اذاً فهذا معنىً يفوق ما يحاول البعض رسمه لكلمة الوطنية لتتحول الى سبب من أسباب النفور لا الاجماع, و ذلك باختزال المعنى ضمن قطر معين او بسكان دولة معينة أو عشيرة بذاتها. و لكن لا يمكن و بالرغم من كل محاولات التشويه أن تغير الكلمة معناها فستبقى الوطنية الحقيقية تعني احترام المبادئ و العمل المؤسسي بدلاً من تعظيم الأفراد.
ان ما يكمن في داخل النفوس لن يعجز عن ايجاد طريقه الى الخارج, لذا يجب علينا اليوم أن نحدد موقعنا وما نرغب الوصول اليه, لنعلم ما ينبغي علينا القيام به والطريقة المثلى لتطبيقه.
آن لهذا الوطن ان يُنتصر له و يُنصف أبناؤه .. فانصاف الوطنيين الشرفاء يكون بحفظ ذكرهم وتقديرهم فهو أسمى ما تحلم به انفسهم , فهم بعيدون كل البعد عن القصور والسيارات و الأموال والأعطيات, فتلك غاية و مراد اولئك الذين لم يكن لهم الوطن أكثر من مقتنيات تملئ حقيبة سفرهم الجاهزة والمستعدة دائماً للرحيل. لذلك لا زلنا نشتاق لصورة الوطن المجرد من رواسب الشخوص التي نجحت و للأسف الى الان باختزال صورة الوطن بها.
. د.عامر السبايلة
http://amersabaileh.blogspot.com