المفاوضات خطوات الى الوراء
كمال زكارنة
17-08-2024 12:09 PM
ما يزال نتنياهو يقف في أعلى الشجرة، مثل قرد مطمئن لعدم وجود اي مفترس، لا على الشجرة ولا في ظلها او اسفلها، فلا اخطار حقيقية تهدد نتنياهو ،ولا ضغوط عملية او فعلية من اي نوع تمارس عليه، من اية جهات دولية، فهو يقوم بحرب ابادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بطريقة بهلوانية يتقلب ويتشقلب كلاعب وحيد في الساحة الاسرائيلية، والساحة الدولية، دون النظر الى اصوات ما تسمى بالمعارضة الاسرائيلية، وهي ليست معارضة حقيقية قوية مؤثرة، وانما معارضة عاطفية تطالب بالافراج عن اسرى اسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية وعودتهم احياء، واستعادة جثث من قتلوا منهم، واذا تمت صفقة التبادل بشكل كامل، فلن يرى احد معارضة اسرائيلية تطالب بوقف الحرب على غزة، ودوليا تتكفل الادارة الامريكية بتوفير الحماية الكاملة لنتنياهو على كافة الصعد والمستويات.
يتشبث نتنياهو بمواقفه المتشددة في المفاوضات، وهو يرى البناء العسكري والامني والاقتصادي والاجتماعي في الكيان يتصدع، والمؤسسات تتفسخ، ومع ذلك يغامر بمستقبل الكيان، وهو يقود ما تسمى بسياسة حافة الهاوية في مفاوضات صفقة التبادل ووقف الحرب والتفاصيل المتعلقة بها، لانه يسعى الى تحقيق هدفين رئيسين ، يعتقد هو، ان الفرصة لتحقيقهما جاءته ركضا وحطت على مكتبه، الاول، ازالة قطاع غزة من الوجود، والثاني استغلال الحشد العسكري الامريكي والغربي في المنطقة بحرا وبرا وجوا، لضرب ايران تحديدا، وتدمير مشروعها وبرنامجها النووي وترسانتها العسكرية، وازاحة هذا الطموح الايراني خمسين عاما الى الوراء، من خلال تطبيق ماحصل في العراق على ايران، وربما تبادر اسرائيل وحلفائها الامريكان والاوروبيين، الى توجيه ضربة عسكرية قوية مركزة وواسعة ضد ايران، دون انتظار الرد الايراني على اغتيال اسماعيل هنية.
نتنياهو يرى ان الفرصة مواتية جدا حاليا لتحقيق هذه الاهداف، فقد ضحى بكل هذه الخسائر الفادحة في قطاع غزة، وبعدد كبير من المسؤولين الاسرائيليين المستقيلين، من كبار القادة العسكريين والامنيين، وها هو يقدم ضحية اخرى مهمة، هو وزير الدفاع يواف غالنت الذي اصبح قاب قوسين او ادنى من العزل والاقالة، وقد يلحق به رئيس هيئة الاركان في جيش الاحتلال هرتسي هاليفي.
عندما يغتال نتنياهو المسؤول العسكري الاول في حزب الله فؤاد شكر، والمسؤول الاول في حركة حماس رئيس المكتب السياسي السابق اسماعيل هنية ،فان ذلك يعني انه يتعمد فتح جبهة اقليمية واسعة، تشمل ايران وحزب الله، وتوريط امريكا ودول اوروبية فيها.
الموقف الامريكي رخو جدا، وكل ما تفعله الادارة الامريكية هو تممهيد وتعبيد وتسهيل الطريق امام نتنياهو، لمواصلة حرب الابادة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بكل الوسائل المكشوفة امام جميع دول العالم.
هل يمكن ان يعجز العالم، عن اجبار نتنياهو على وقف حرب الابادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وهو يجر المنطقة برمتها الى شفير الحرب الاقليمية المدمرة، ام ان العالم متواطيء، من اجل اهداف واطماع اخرى، وتغييرات ديمغرافية وجغرافية يتم التخطيط لها.