الطريق إلى عمان: يسار مجنون .. يمين مخادع .. ووسط حذر
أ.د. محمد الفرجات
16-08-2024 12:16 PM
بعد رحلة عناء وعذاب بالقيادة ليلا من العقبة إلى عمان، إنفجر في بدايتها الرديتر بعد مركز جمرك العقبة في وادي اليتم، لنحاول إصلاحه في كازية المناصير، فيتبين بأنه لا يمسك الماء أبدا، والسيارة أعطت "تشيك إينجن الحقير"، ليقول لي المصري الذي سكب جركنين ماء رديتر العبوة ب 2.5 دينار: الله،،، "دي ما بتمسكش مايه يحق،،،" والقويرة مفيهاش معلمين روديتر خالص، وبقى قدامك تعاود العقبة، بس خود بالك، يمكن تحرق المطور، ده التغير المناخي بلش بقولوا والسيارات ما بتتحملش أصلها الحر...
اخذنا بالجركنين ماء من الحنفية من عند المصري اللي ما قصر وحاول يعمل أيتها حاقة بس خلاص هو كدة مفيش حل، وأكرمناه ب خمساية حمرا،،، مع ثمن الجركنين كمان،،،
نزلنا سن سن للعقبة، وكل 5 كيلو سكر لا كيلو متر كنا نوقف لأنه مؤشر الحرارة كان بطلع جنب H،،، ونصب ماء من الجراكن بالروديتر المثقوب، والياه تسيل بالشارع والله تقول دعوة والعياذ بالله،،،
شو بدكم بطول السالفة؟ أكيد ما بدكم نطول،
وصلنا الجمارك نقطة التفتيش، سلمنا عالشرطي وشورابه بهدي عليهن صقر،
قال وين الهوية؟ إتطلعت فيه نظرة إستغراب!!! له يالنشمي، بدنا نعبي هالجراكن هسة ترى الروديتر إنسطح، وهالنشمي ما قصر وعبينا هالجراكن ماء وبردنا السيارة كمان...
كملنا شوي شوي وكل أكمن كيلو نوقف ونعبي الرديتر ماء،،، وتسيل بالشارع،،،
آخر محطة عند شرطة مفرزة مخرج العقبة، وقفنا عند هالنشامى وسلمت وعبيت الروديتر ماء،،، وعلى طول عالحرفية، عالنشمي تبع لحام الروديترات،،،
فك الرديتر وقال هاظ بده قطعة البلاستيكة اللي فوق لأنها إنفجرت، ومع أجار الإيد بوخذ 40 دينار، ومع الخصم صارن 35. وساعة ونص وهو بباطح بفك وتغيير القطعة وإعادة تركيبها
ذبحنا العطش ومعي زوجتي والأطفال، وكان لازم إني رجعتهم للبيت ورحت للتصليح، لكن أصروا ييجوا معي ونكمل لعمان بعد التصليح، بعثت الولد اللي بمحل الرديترات يشتريلنا ماء للشرب، وأعطيته دينار ونص يشتري 3 قناني ماء بارد، غاب غاب ورجع بدون ماء،
شو عمو ليش ما إشترتيت ماء،
قال البياع بده حق القنينة اللي مش باردة دينار والقنينة الباردة دينار ونص،
طيب مين هو هاظ معقول من هالبلد ولا سويسري؟ قال لا هو سوري...
ظلينا بعطشنا وصلحنا الرديتر وعبيناه ماء أحمر وطلعت العبوة نفسها بدينارين بس بدون نص...
والله يسر وطلعنا لعمان مع آذان المغرب، وإشترينا ماء وبسكوت وقهوة وشيبس للأطفال من دكانة الكازية اللي بأول العقبة، وفكينا عطشنا،
وبلش الظلام بعد الجمارك، وبلش التوهان بشوارع لونها أسود وبدون ولا أي علامة عليها لا خطوط صفر عالحدين، ولا خطوط بيضاء مقطعة بوسط الشارع،،،
ولازم تفتح عيونك 7 على 6 عشان تشوف إذا في جمل عالطريق مش مبين، أو كلب أو قلاب بتطاير منه حصى، أو بكب أب فلت بقطع من المسرب الثاني لمسربك بدون يو تيرن،،،
أو سيارة شحن بلا أضوية خلفية،
أو شاص مخالف السير وبلا أضوية وجاي تجاهك...
المهم بعد نشاف ريق، وسيارات مجنونة بسرعة 199 بتسابق الموت زي الطلق عن اليسار، كيف بشوفوا الطريق ما بعرف، وسيارات فارهة دفع رباعي ماشية مع بعض بسرعة عالية بتحاول تقلبك عاليمين،،،
بعد كل هالعناء...
وصلنا أول الشارع تبع المنحة السعودية الله يستر عليهم ويجزيهم الخير،،، لكن شو؟ فعلا شارع يحكي،،، مخطط عالحواف أصفر وبالمنتصف أبيض متقطع وواضح جدا ومش باهت، وواضح إنه العطاء كان عليه رقابة مشددة عالنوعية والجودة،،، ويقال بأن السعودية كان أمر هام لها أن تذهب المنحة تماما لما خصصت له... وهذا السبب يقال،،،
المهم، للأسف إنه المنحة بحبحتنا،،، وعملنا ثلاثة مسارب... وهون الكارثة:
عن يمينك بتراوغك وبتخدعك سيارات وبتطلع عنك بسرعة... ولو لفيت عاليمين بتحصل كارثة،،، لذلك فاليمين عالطريق إلى عمان مخادع...
عن يسارك السيارات بتمر بسرعة جنونية،،، وبتمر دراجات مجنونة وصوتها مفزع،،، وهذا فعلا عمل من يسار الطريق إلى عمان يسار مجنون،،،
كنت بسوق دائما بالوسط،،، بحذر، ومعي كل من يأتي من الجنوب إلى عمان، التي لا نأتي إليها ترفا ولا طلبا لشمات الهواء،،، بل لعمل لم يسمح لنا بأن يكون "أونلاين"...
الطريق الصحراوي من النقب إلى عمان كان بمنحة سعودية كريمة، وأفرز ثلاثة مسارب: يمين مخادع، يسار مجنون،،، ووسط حذر... ولا ينصح بالسير عليه دون خبرة ومعرفة بمكائد وجنون اليسار واليمين...
الطريق الذي لم تغطيه المنحة من أول طلوع النقب للعقبة، طريق معتم علاماته الدالة مفقودة أو باهتة،،، ولا ينصح بالسفر عليه بالليل...
عفكرة: أنا لست حزبي ولن أكون، ولا علاقة للمقال بالأحزاب لا من قريب ولا من بعيد،،،
كل ما أتمناه أن ننعم يوما بإستراحات نظيفة على الطريق الصحراوي، وبمرافق صحية تعكس صورة بلد سياحي،،،
وإن قيض الله تعالى لنا وإشتغل قطار بين المحافظات وعمان، فلن نستعمل هذا الطريق، لا من وسطه ولا يمينه ولا يساره...
ولن تجهد عيوننا عتمة ومتاهة الطريق من النقب للعقبة بالليل،،،
كتبت المقال بعد الوصول إلى الفندق، والآن ينادي آذان الفجر
الله أكبر الله اكبر... لا إله إلا الله،،،