سمير الرفاعي ولحظات حزن على فراق الاب الحبيب
السفير الدكتور موفق العجلوني
16-08-2024 12:08 PM
في مشهد مؤثر يعبق بعاطفة جياشة وحزن عميق على جبين ومحيا سمير الرفاعي لم اشهده في حياتي منذ ان عرفته في التسعينات بتلك الاطلالة البهية وابتسامة الفرح الغامرة التي كانت مطبوعة على محياه الطيب، حيث كنت في استقباله في سفارتنا الأردنية في باريس وكان في معية صاحب السمو الملكي الامير الحسن حفظه الله حيث كان سموه في زيارة رسمية بدعوة من الحكومة الفرنسية.
يوم امس و انا أقوم بواجب العزاء بفقيد الأردن الكبير دولة أبو سمير ، كانت اطلالة سمير ليس التي عرفتها من قبل ، و ما ان استقبلني بعناق اخوي تبعها كلمات من القلب " دائماً وفي اخ موفق " ، كانت خفقات قلبه تقول : " ابي ابي ابي ، لم يخطر على بالي رحيلك عني ، ولكن هذه الجموع المحبة من الأردنيين الذين هبوا لمواساتي خففت من المي و حزني و مصابي. "
رحيل دولة أبو سمير الى الرفيق الأعلى لم يكن مجرد خسارة شخصية لعائلة الرفاعي ولسمير خاصة وام سمير، بل كان أيضاً لحظة تأثر عميقة للمجتمع الأردني بأسره، الذي شهد على قوة مشاعر دولة السيد سمير زيد الرفاعي وتعاطفه الكبير في مواجهة هذه الخسارة التي لا تعوض.
سمير زيد الرفاعي، الذي عرفته كرمز من رموز الدولة الأردنية، لم يكن معروفاً فقط بمساهماته السياسية والإدارية والابن الوحيد للمرحوم، بل أيضاً بإنسانيته واهتمامه البالغ بقضايا الوطن والمواطنين. قدم دولة أبو سمير أحد القادة البارزين في تاريخ الأردن العديد من الخدمات المتميزة للبلاد من خلال مواقع عدة، منها رئاسة الوزراء، حيث قاد البلاد في فترة حاسمة من تاريخها يداً بيد مع الحسين الباني طيب الله ثراه.
لم يكن بالإمكان تجاهل التأثر العميق على محيا سمير الرفاعي حزناَ على فراق والده المرحوم دولة زيد الرفاعي. من المعروف على رجالات الدول وكبار الشخصيات عادة ما يكونون معروفين بتماسكهم وصلابتهم، لكنهم أيضاً بشر يختبرون مشاعر الفقد والحزن مثل أي فرد آخر. في هذه اللحظة. أظهر سمير زيد الرفاعي جانباً إنسانياً عميقاً، تجسد في تعبيره عن الألم الذي يشعر به، وهو ما يتماشى مع الروح الإنسانية التي تميز شخصيته. رغم ما في داخله من حزن عميق وصعوبة الم الفراق.
مع جموع المعزين من الافواج المحبة للمرحوم دولة أبو سمير وهي تعانق سمير، تجلى التأثر العميق في عيني سمير، حيث كانت علامات الحزن واضحة على محياه. كانت مشاعره وأحاسيسه تفيض عبر مصافحته للمعزين من مختلف شرائح المجتمع، من أصحاب السمو الأمراء وأصحاب الشرف وأصحاب الدولة والفضيلة والمعالي السعادة والعطوفة، وعموم المواطنين الذين جاءوا لتقديم واجب العزاء. لم يكن من الصعب ملاحظة أن سمير يمر بلحظات من التقدير العميق والمشاعر الجياشة، وهو ما جعل الحضور يشاركونه مشاعرهم ويستشعرون حجم الفقد الذي يعاني منه.
في هذا السياق، يجدر بالذكر أن فقدان الوالدين هو من أقسى التجارب التي يمكن أن يمر بها أي إنسان، بغض النظر عن وضعه الاجتماعي أو مكانته. وتظل ذكرى الوالدين حاضرة في الذاكرة، ترافق الأبناء في كل لحظة من حياتهم، حيث يشكل كل لحظة عابرة من حياتهم بمثابة تكريم لذاكرة من فقدوه.
لقد شكلت جنازة دولة أبو سمير بحضور جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين سمو الامير الحسين حفظهم الله و هم يشيعون فقيد الأردن الغالي أبا سمير ، فرصة لتجسيد الروابط القوية بين القيادة والمجتمع الأردني. ففي مثل هذه اللحظات، يظهر التضامن والروح الوطنية بشكل جلي، حيث يتوحد الشعب الأردني خلف قيادته في أوقات الشدائد ومن خلال حضورهم وتقديمهم واجب العزاء.
إن الحزن الذي شعرت به وانا اعانق سمير الرفاعي على فقدان والده يعكس إنسانية عميقة ورقيقة، تذكّرنا جميعاً بأن القيادات الكبيرة، رغم مسؤولياتها ومهامها الجسام، تظل جزءاً من النسيج الإنساني العاطفي.
فالحياة ليست مجرد مسيرة مهنية أو سياسية، بل هي أيضاً رحلة مليئة بالعواطف والألم والفقد، والتي تشكل جزءاً أساسياً من التجربة الإنسانية. في النهاية، يبقى رحيل الأحبة جزءاً من قصص الحياة التي تذكرنا بالحب والاحترام والذكريات الطيبة، وتؤكد على أهمية الروابط الأسرية والإنسانية في حياة كل فرد منا.
ببالغ الحزن والأسى، نرفع انا وعائلتي أصدق التعازي والمواساة إلى دولة الأخ سمير زيد الرفاعي، رئيس الوزراء الأسبق، وإلى عائلته الكريمة والى السيدة الفاضلة ام سمير والى ال الرفاعي الكرام في هذا الوقت العصيب الذي فقدوا فيه الأب الغالي . إن فقدان الوالد هو ألم عظيم ومصاب جلل، يؤثر في القلوب ويؤجج المشاعر، ولكن هذه مشيئة الله.
لقد كان الفقيد رمزاً للحب والعطاء والحنان، وغيابه يشكل خسارة كبيرة ليس فقط لعائلته بل أيضاً لكل من عرفه. إن الذكريات الطيبة التي خلفها الفقيد ستظل نبراساً يُضيء درب الأجيال القادمة، وتظل سيرته العطرة علامة على العطاء اللامحدود والرحمة التي تحلى بها طوال حياته.
دولة الاخ سمير الرفاعي، نعلم أن كلمات العزاء لا يمكن أن تعوض فقدان الأب، لكننا نود أن نعبر لكم وللأهل الكرام وعموم ال الرفاعي عن خالص تعازينا ومواساتنا. في هذه اللحظات الصعبة، نشارككم الألم ونسأل الله أن يمنحكم الصبر والسلوان، وأن يلهمكم القوة لتجاوز هذه المحنة. ان رحيل الاحبة صعب، ولكن الذكريات الجميلة واللحظات السعيدة التي عشتوها مع الوالد الحبيب، وعاشها الأردنيون ستظل خالدة في قلوبنا جميعاً.
نحن على يقين أن محبتكم للوالد رحمه الله وتقديركم له سيظل يتجلى في أعمالكم ومواقفكم النبيلة، والتي ستكون شهادة حية على إرثه الطيب. نسأل الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهمكم الصبر والسلوان. إننا نشارككم الحزن ونقف بجانبكم في هذه اللحظات الصعبة قلوبنا ودعواتنا معكم دائماً.