في عالم مليء بالتحديات والتغيرات المتسارعة، يتطلب من المؤسسات الكبيرة والبيروقراطية التكيف مع الواقع الجديد والابتكار لتحقيق الاستجابة الفعالة لمتطلبات المستقبل.
"تان سري سيدك حسن"، الذي تولى منصب الأمين العام للحكومة الماليزية من عام 2006 إلى عام 2012، قدم نموذجاً حياً لما يمكن أن تفعله القيادة الحكيمة لتحقيق التحول العميق في الخدمة المدنية. خلال فترة ولايته، قاد "سيدك" إصلاحات جذرية، محققًا تحسينات ملحوظة في كفاءة الحكومة وجودة الخدمات العامة.
أحد أبرز الإنجازات التي قام بها "سيدك" كان تبني الحكومة لاستراتيجية "المحيط الأزرق"، التي تسعى إلى خلق أسواق وفرص جديدة بدلاً من التنافس في الأسواق التقليدية المشبعة. هذه الاستراتيجية كانت حجر الزاوية في رؤيته لتجاوز "عقلية الصوامع" التي كانت تعيق التعاون بين الإدارات الحكومية، حيث كان كل قسم يعمل بشكل منعزل دون تنسيق حقيقي مع الآخرين.
عمل "سيدك" على تغيير هذه الثقافة من خلال تعزيز التعاون بين الوكالات الحكومية، حتى بين الكيانات التي كانت تُعتبر منافسة تقليدية، مثل الشرطة والجيش. كان يدرك أن التعاون وتبادل الموارد يمكن أن يعزز من كفاءة العمليات الحكومية ويخلق خدمة مدنية أكثر تكاملًا وتماسكًا.
فلسفة "لا باب خاطئ" التي قدمها "سيدك" تعبر عن مبدأ أن كل باب في الحكومة يجب أن يكون مفتوحًا ومتسقًا مع هدف تقديم الخدمات للمواطنين بأقصى كفاءة وسرعة ممكنة. هذه الفلسفة تؤكد على أن المواطن يجب أن يشعر بأن كل "جهة حكومية" يمكنها مساعدته أو توجيهه بشكل فوري، دون الحاجة إلى البحث أو التنقل بين الإدارات المختلفة.
تعتمد هذه الفلسفة على "تكامل الخدمات الحكومية" بين مختلف الجهات، مما يسهل الوصول إلى الخدمات ويقلل من التعقيدات البيروقراطية. الحكومة الماليزية تحت قيادة "سيدك" عملت على تقديم خدمات استباقية تركز على احتياجات المواطنين، وتحرص على تقديم الخدمات بجودة تفوق توقعاتهم.
هذا التحول الثقافي تطلب تغييراً جذرياً في عقلية الموظفين، من "التركيز على مهام الإدارات الفردية" إلى "تحمل المسؤولية الجماعية عن تسليم الخدمات". إرث "سيدك" في الحكومة الماليزية لم يقتصر فقط على التحسينات الهيكلية والإدارية، بل أثر أيضًا على "الثقافة المؤسسية"، مما جعلها أكثر ديناميكية وكفاءة.
اليوم، تظل الخدمة المدنية الماليزية نموذجًا يحتذى به في الكفاءة والاستجابة، وهو ما يُعزى بشكل كبير إلى رؤية وجهود "سيدك حسن". إرثه يمثل نموذجاً للدول الأخرى التي تسعى إلى تحسين كفاءة حكوماتها وتقديم خدمات أفضل لمواطنيها. من خلال رؤيته الشاملة ونهجه المبتكر، تمكن من تحويل الخدمة المدنية الماليزية إلى كيان يخدم الشعب بفعالية واحترافية، مما يثبت أن "لا باب خاطئ" هو أكثر من مجرد شعار، بل فلسفة عميقة تعيد تعريف دور الحكومة في المجتمع.