جهود اللجنة الملكية لشؤون القدس
د. أشرف الراعي
15-08-2024 12:57 AM
في ظل ما تشهده المنطقة من توترات خصوصاً فيما يتعلق بالحرب الدائرة في قطاع غزة منذ 10 أشهر وحتى اليوم، وفي خضم الجهود الأردنية التي يبذلها جلالة الملك عبدالله الثاني من أجل إعادة الاستقرار إلى المنطقة المحاطة أصلاً بدوامة من الأزمات، يتبدى دور مؤسساتنا الوطنية التي تعمل من أجل تكريس الحق الفلسطيني وترسيخه واقعاً على الأرض، وهنا لا بد من الإشارة إلى الدور المهم والبارز الذي تقوم به "اللجنة الملكية لشؤون القدس" والتي تُعد أحد أبرز الأدوات التي تعكس الالتزام الأردني الدائم والثابت تجاه قضية القدس، والتي يرأسها صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال، حفظه الله ورعاه.
إن هذه الجهود الأردنية تجاه المدينة المقدسة لا تنطلق فقط من منظور حماية الهوية العربية والإسلامية للمدينة المقدسة، بل أيضاً كجزء من الجهود الأردنية المستمرة في تعزيز الحق الفلسطيني؛ فمنذ إنشاء اللجنة بأمر من جلالة الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، في عام 1971، جسدت هذه اللجنة رؤية متكاملة للدفاع عن عروبة القدس وحقوق الفلسطينيين في المدينة المقدسة، ما جعلها أحد أهم المكونات الأساسية للسياسة الأردنية تجاه القدس وفلسطين بشكل عام، والواقع أن اللجنة تنشط – مشكورة – في تعزيز كل جهد أردني في هذا الإطار.
كما أن أحد أبرز أدوار اللجنة الملكية لشؤون القدس هو العمل الدؤوب على توثيق التاريخ الفلسطيني للمدينة والتصدي لمحاولات طمس الهوية العربية؛ حيث تجمع اللجنة الوثائق والمخطوطات والكتب التي تؤكد عروبة القدس، وتكشف عن حجم التحديات التي تواجهها، خاصة تلك المرتبطة بسياسات التهويد، والتهجير، للحفاظ على الإرث التاريخي، ودعم الموقف الفلسطيني على الساحة الدولية؛ حيث يتم استخدام هذه الوثائق كأدلة دامغة على الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف.
وإلى جانب التوثيق، تقوم اللجنة بإعداد الدراسات التي تبرز الأهمية السياسية والجغرافية للقدس من وجهة نظر عربية وإسلامية، حيث تساعد هذه الدراسات في تقديم موقف قانوني – يتوافق مع قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية التي تتنصل منها إسرائيل – وكذلك تقديم موقف سياسي قوي يدعم المطالب الفلسطينية في أي مفاوضات أو محافل دولية، كما تتصدى اللجنة بقوة إلى الدعاية الإسرائيلية التي تحاول تصوير القدس كمدينة يهودية بحتة، حيث تقوم اللجنة بالرد على هذه الادعاءات بطرق علمية ومدروسة.
بالطبع، فإن الجهد الأردني لم يقتصر الدور الأردني في دعم الحق الفلسطيني على القدس فقط، بل امتد ليشمل كافة الأراضي الفلسطينية، وخاصة خلال الأزمات الكبرى مثل الحرب على قطاع غزة؛ ففي كل مرة تتعرض غزة للعدوان، يكون الأردن في مقدمة الدول التي تدين هذه الهجمات وتدعو إلى وقفها فوراً وفي الحرب الأخيرة على القطاع المنكوب كان الأردن إلى جانب العديد من الدول الشقيقة والصديقة في مقدمة المدافعين عن غزة وأبنائها، وهو موقف لا يتجلى فقط في البيانات الرسمية، بل أيضاً في الجهود الدبلوماسية المكثفة التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين على الساحة الدولية.
كما بذل الأردن جهوداً إنسانية كبيرة لتقديم الدعم الطبي والإنساني لسكان القطاع، من خلال إرسال المساعدات والمستلزمات الطبية الضرورية، وهذه الجهود – بالطبع - تأتي تأكيداً على التزام الأردن بالوقوف إلى جانب الفلسطينيين في كل الظروف، وهو التزام يجسد العلاقات التاريخية العميقة بين الشعبين الأردني والفلسطيني.
ومنذ توليه الحكم، واصل جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين النهج الذي أرساه الملك الحسين بن طلال، بالتركيز على دعم القضية الفلسطينية في كافة المحافل الدولية؛ حيث يخصص جلالته جهوداً دبلوماسية لدعم الفلسطينيين، سواء في القدس أو في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي كل خطاب أو لقاء دولي، يؤكد الملك على أهمية إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، ويطالب بالاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، واليوم، يستمر هذا الدور في الدفاع عن القدس وعن الحق الفلسطيني في كافة المحافل، سواء أكان ذلك على مستوى الأمم المتحدة أو في اللقاءات الثنائية مع قادة العالم، وبما يمثل نقطة قوة في الموقف الأردني، ويعكس التزاماً تاريخياً وثابتاً بالدفاع عن الحقوق الفلسطينية وعن القدس كجزء لا يتجزأ من الهوية العربية والإسلامية.