facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




زيد الرفاعي .. جديد يسلم على العتيق


محمد حسن التل
14-08-2024 06:27 PM

كلما دوى في آذاننا صوت الناعي ينعى أحد رموز الأردن الكبار في الزمن الصعب ، نشعر بالوحشة أكثر وربما الغربة .

مساء الاثنين نادى الناعي بوفاة واحد من البناة الكبار... زيد الرفاعي..واحد من أهم أعمدة الحكم في الأردن على امتداد أكثر من سبعة عقود ، كان المثال الأعلى والأسمى في الوفاء لوطنه ومليكه ، وكان في مقدمة الفرسان الذين كان الواحد منهم يعتلي صهوة حصانه الأبجر يحمل في يمينه سيف الولاء ، وفي الأخرى راية الفداء لوطنه .

حاز الراحل الكبير على ثقة المغفور له باذن الله تعالى الحسين ، وكان رفيق دربه منذ الشباب المبكر ، رأى فيه الحسين المستشار المؤتمن الذي لا يبدل ولا يغير ولا يخلع صاحبه ، والعضد الذي لا يفل ، وقف خلف الحسين في أزمات كثيرة ومعقدة وصعبة وواجه الكثير من التحديات ، كان في مقدمتها استهداف حياته أكثر من مرة سواء في لندن أو عمان ، وحادثة صويلح لا زالت ماثلة في تاريخه وتاريخ الأردن كيف حمى الحسين بجسده في محاولة اغتيال كانت تستهدف الملك ، وظل أثر الرصاصة التي استهدفته في لندن شاهدة على فدائه حتى لقى وجه ربه .

لم يتردد زيد الرفاعي لحظة واحدة أن يكون ترسا قويا لوطنه ومليكه بوجه كل الضربات التي كانت تحاول النيل من الأردن .

شكل رحيل الرفاعي لنا خسارة فادحة وغصة كبيرة وفاجعة وطنية لا تعوض عبر الزمان .

شكل الراحل حكومته الأولى قبل عقد عمره الرابع ، وهو أصغر رئيس وزراء سنا شكل حكومة في تاريخ الأردن في ظروف صعبة ، حيث كانت البلاد خارجة لتوها من أزمات معقدة ومركبة ، فكان على قدر المهمة وهذا ما جعل الحسين رحمه الله تعالى يكلفه في تشكيل حكومات عديدة في أوقات صعبة .

لما كنا صغارا كنا نرى الفرحة في عيون الكبار عندما يشكل زيد الرفاعي حكومة ، وعندما كبرنا ووعينا فهمنا معنى هذه الفرحة ، حيث كان الأردنيون يتفاءلون بأن يكون الرجل الكبير على رأس الحكومة ، لأنهم كانوا يدركون جيدا أنه رجل القرار الحازم والحاسم يضع مصلحة الأردن والأردنيين فوق كل اعتبار ، ولا يهادن فيها ولا يساوم أبدا على وفائه لدولته وقيادته .

ظلم الراحل الكبير مرات عديدة من قبل المتربصين والحساد ، وواجه محاولات اغتيال الشخصية ، لكنه ظل على مبادئه ومواقفه قابضا على جمر الصبر في التحمل ،وصامتا كصمت الجبال المهيب ، ولم يستطع أحد على امتداد سنين عمر الراحل الكبير أن يسجل عليه أنه نطق كلمة واحدة تسيء لمن كانوا يتربصون به ، وكانت ابتسامته لا تفارق محياه الجميل يستقبل الكل المحبين والمتربصين بصدر واسع لأنه كبير لا يحمل الحقد ، وكما قال العرب " لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب .. ولا ينال العلا من طبعه الغضب " وأبا سمير حاز على العلا والرتب.

التقيته مرات عديدة وكان دائما يزداد مهابة لا تخلو من المحبة والود للجميع ، عندما تسلمت رئاسة تحرير الدستور ، زرته في مكتبه بمجلس الأعيان ، وطلبت نصحه ، فقال لي كلمة لا زالت تسكن في ذهني ، يا إبني أهم شيء أن تجعل مصلحة الأردن قبلتك في عملك ، وإذا التزمت بذلك فستنجح ويرتاح ضميرك فنحن الأردنيون يجب أن يبقى الأردن بالنسبة لنا القلب الذي ينبض بحياتنا .

لخص الرجل الكبير هذه النصيحة البرنامج والهدف الذي يجب أن يحمله الأردني مهما كان موقعه وعلى أي ثغر من ثغور الوطن يقف .

الحديث عن زيد الرفاعي يطول وبحاجة إلى كتب ومجلدات ، رحل الرجل وترك وراءه فراغا كبيرا وثلمة لا تسد في جدار الوطن ،وإذ ننعاه اليوم فإننا نوصيه أن يسلم على الحسين وكل الكبار الذين رحلوا ، ولا يسعني هنا إلا أن أردد نواح الجدات ، عندما كن يفقدن حبيب " جديد يسلم عالعتيق يقله ترى صاحبك من يوم الفراق حزين "
سلام على الحسين ، سلام على زيد ، سلام على كل الكبار الذين رحلوا وحفظ الله أبا الحسين ...





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :