الى روح الراحل الكبير زيد الرفاعي
علي السنيد
14-08-2024 12:32 PM
لم اكن لاكتب عن دولة الرئيس زيد الرفاعي – رحمه الله - لو كان ما يزال على قيد الحياة، ولبقي ما اكنه له من مكانة كبيرة حبيس قلبي، ولما كنت لأفصح عن مكنون العلاقة الخاصة التي جمعتني به في مرحلة قست علي بها الظروف، واتسع لي قلبه الكبير، واستشعرت قربه، ومودته الغامرة، وقد استمع لي باهتمام بالغ، ومنحني الحق في المخالفة، ومحضني المحبة، واصغى لأحلامي الوطنية.
وقد الح علي اليوم داعي الوفاء لذكراه الطيبة لأعبر عن شعور الفقد الذي انتابني لحظة غيابه، وتواريه عن هذه الدنيا.
وكان في كل لقاء يجمعني به يأسرني بتواضعه الجم، ودفء حضوره الكبير، وصوته الرخيم المترافق مع ارائه العميقة المعبرة وطنياً، ولشدة تسامحه، وترفعه عن صخب النخب، وحضوره في مستوى فكري راق يشي بحجم الامكانيات التي توافرت في شخصيته الثرية التي صبغت بتجلياتها ردحاً من عمر الدولة الاردنية. وكان رئيسا موسوعياً يصدر عن افق سياسي، ودستوري استثنائي.
وبرحيله تكون الأردن فقدت علما من اعلامها الكبار، ورجل دولة خبر السياسة والاحداث بتمعن، وروية، وكان الاوفى للعرش الهاشمي، وقدم دوراً سياسيا متفرداً، وكانت تتبدى فيه حس المسؤولية الوطنية.
ودولة أبو سمير بلا منازع كان مدرسة في السياسة، والادب، والوقار، والتحلي بالحكمة والصبر، والاتساع للأخرين، وكان ميزان التوازن والاعتدال في علاقته السياسية، ولم تترك المواقع السياسية التي شغلها، والمكانة المرموقة التي تحققت له عبر مسيرته السياسية اي اثر سلبي في طبيعة علاقته بالناس التي ادارها من خلال انسانيته الاخاذة، ومنظومة القيم التي تربى عليها، وحكمت حياته حتى نهايتها، وهو الذي نشأ في كنف الهاشميين، واكتسب الاخلاق الملكية فلا سوء، ولا انتقام، ولا مظاهر، ولا استعراض في الحكم.
وقد كان رحمه الله الأسرع في التجاوب اذا كتبت عن حالة إنسانية، واذا اطلعته على ظروف أصحاب الحاجات يمد يده بالخير والمعروف بصمت.
واليوم وقد ووري جثمانه الثرى، وغادر الدنيا للمرة الأخيرة، وهو يشي برحيله بحتميات التغيير، وحلول أجيال جديدة من السياسيين للمشهد الوطني، وكي تستمر المسيرة الوطنية السائرة نحو أهدافها السامية.