فلسطينيون في القصر الملكي
ماهر ابو طير
06-05-2011 06:13 AM
في ذات يوم المصالحة بين حماس وفتح، في القاهرة يعبر وفد فلسطيني شعبي من الضفة الغربية وغزة الى عمان، ويجري لقاء مع الملك في القصر الملكي.
في اجواء العلاقات بين عمان ورام الله الرسمية، شيء ما خفي وغامض ويشي بالفتور، لايفهمه أحد، وان كان ممكن التنبؤ به، فالأردن الذي أخذ موقفاً حاداً من «حماس» لأجل خاطر عيون محمود عباس وجماعته، فؤجئ بصفقة المصالحة، بين حماس وفتح.
في هكذا قصة، بات الأردن خارج الحسبة، إذ لماذا يضغط الأردن طوال سنوات، على «حماس» كل هذا الضغط ارضاء للسلطة ، فيما يقوم عماد السلطة، أي تنظيم «فتح» بمصالحة «حماس» وفي حضن المصريين؟!.
هذا أحد التفسيرات للغموض الذي يسود اجواء العلاقة الرسمية بين عمان، وثلة محمود عباس في رام الله، فيما التفسير الآخر يقول ان هناك معلومات عن صفقة اقليمية دولية فلسطينية إسرائيلية يتخوف الأردن من نتائجها.
من يعتقد هذا الاعتقاد، يقول ان كل التصعيد اللغوي الإسرائيلي والأمريكي ضد المصالحة بين فتح وحماس،مجرد بيع كلام للناخب الإسرائيلي، وان القاهرة وكذلك سلطة عباس، لاتجرؤان أساساً، على هكذا مصالحة لولا انها ضمن صفقة اقليمية أوسع.
يتم الاستدلال على هذا السيناريو بالتصعيد المفاجئ لرئيس الوزراء البخيت في محاضرته في نادي الملك حسين،الذي لوح باستعادة العلاقة مع حماس،اذ ثبت ان هناك لعبة تلعبها السلطة الفلسطينية،معتبراً ان حقوق الأردنيين من اللاجئين أمن وطني أردني.
الملك رحب بالمصالحة الفلسطينية،غير ان قدوم وفد فلسطيني شعبي الى عمان بهذا المستوى، لا يعيد انعاش العلاقات القديمة بين الضفتين،على المستوى الوحدوي بقدر مايقول للبعض، ان الأردن قادر على اعادة خلط الأوراق.
امتداد الأردن السياسي والاجتماعي والاقتصادي والمعنوي في الضفة والقدس وغزة قائم ومستمر،لاعتبارات كثيرة، ابسطها ان الأردن هو الرئة التي تتنفس منها الضفة الغربية.
فوق ذلك علاقة الاردن بالقدس،أهم علاقة في ملف العلاقات بين الطرفين،واتفاقيات السلام تضمن للأردن دوراً بشأن القدس واللاجئين من مواطنيه.
الوفد الفلسطيني الذي حل في القصر الملكي لم يأتِ صدفة، لا من حيث عدده،ولا من حيث توقيت الزيارة،ولا من حيث الرسالة، واستقبالهم في ذات توقيت يوم المصالحة له معنى كبير يتوجب الوقوف عند دلالته.
أغلب الظن ان محمود عباس كعادته لديه الاستعداد كما فعل في عام ثلاثة وتسعين،في اتفاقية اوسلو التي باغتت الأردن،ان يعود ويباغت الأردن بمصالحة مع حماس، أو حتى بتسوية نهائية، يسمع عنها الأردن من نشرات الاخبار.
قيل كثيراً ان الأردن يجب ألاّ يخسر علاقاته وأوراقه، وألاّ يركن الى طرف واحد،وقد قيل ايضاً ذات الكلام بحق حركة حماس، الاكثر امانا للأردن، الا ان هذا الكلام كان يتعرض الى قصف الرقبة كلما قيل واثير.
مكاسرة تتبدى بين عمان ،ورام الله الرسمية،وحماس بالتأكيد هي الطرف الرابح في كل الحالات،وهي ايضاً تدرك ان اللحظة تسمح لها بالانعطاف، وقطف ثمار انعطافها، في اقليم يتغير وتتهاوى دوله.
أسوأ مافي سياستنا الخارجية، اننا لم نعد نصنع السياسة في المنطقة، وبتنا نتصرف على أساس ردود الفعل فقط، بعد ان اخلينا مقاعدنا في الصف الأول للاعبين الجدد والقدامى!.
لا»حماس» حالفنا، ولا على «فتح» ابقينا، والهواء الغربي الساخن يلسع الوجوه، موحياً بمفاجآت سياسية عما قريب.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)