هل أصبح العالم أكثر أمناً بعد بن لادن؟!
راكان المجالي
06-05-2011 06:12 AM
كتبت مقالين عن اغتيال الامريكان لزعيم تنظيم القاعدة، اسامة بن لادن، في سياق طوفان من المقالات والتعليقات والتحليلات عبر كل وسائل الاتصال عن هذه الواقعة المثيرة اعلاميا وكأنها صدى لابرز حدث مدوٍّ في هذا العصر وهو كارثة (11 أيلول) التي زلزلت امريكا وهزت العالم اجمع وعبرها حصل الامريكان على تعاطف شبه جماعي لهذه الواقعة المفاجئة والتي ارتبطت باسم اسامة بن لادن وقد جاء اغتيال بن لادن وكأنه صدى لـ"11" أيلول. وقد تلقيت الكثير من التعليقات حول ما ما كتبت عن بن لادن سواء عبر رسائل بريدية او الكترونية او تعليقات مباشرة على الموقع الالكتروني او اتصالات هاتفية, وقد لا تمثل تعليقات القراء المثقفين المتابعين احاطة كاملة بالحدث لكنها تعطي مؤشرا على ما يدور على ألسنة الناس.
ومن ابرز التعليقات التي قدمت تحليلا ذكيا للواقعة، تعليق الدكتورة اماني صالح الحجار, حيث تقول: هل أصبح العالم أكثر أمناً، كما قال الرئيس باراك أوباما بعد مصرع أسامة بن لادن؟ الجواب متروك للوقائع التي لا أحد يستطيع التكهن بها، وسط التوقعات المطمئنة أو الحذرة. لكن الواقع يعلم الجميع ان العالم لن يصبح أكثر أمناً ان لم يصبح أكثر عدلاً. فليس أهم من ضرب الارهابيين سوى إنهاء السياسات والعوامل التي تقود الى الارهاب وتعطيه المبررات. من سياسات الاستعباد الخارجي بالاحتلال المباشر وغير المباشر والانحياز للاحتلال الاسرائيلي وضمان تفوّقه على الفلسطينيين والعرب ورفضه للتسوية الشاملة والعادلة الى الاستبداد الداخلي الذي تمارسه الأنظمة. ومن عوامل الصراع بين الأنظمة والمنظمات الارهابية بما يفيد الطرفين من دون أن يضعف أياً منهما الى عوامل الحرب الكونية على الارهاب بما يقدّم الى ترسانة أميركا والعالم وترسانة المنظمات الجهادية ذخائر سياسية وايديولوجية اضافية.
ذلك ان ما فرضه مقتل بن لادن في كل مكان هو الحديث عن مستقبل القاعدة وان كانت ستقوى أم تضعف وأين تضرب وكيف. لكن مشكلة القاعدة بعد بن لادن هي ما كانت عليه في حياته. لا بالنسبة الى القضايا التي تحركها، فهي على حالها، بل بالنسبة الى الايديولوجيا التي تحملها والاستراتيجية التي تقود أعمالها والتاكتيكات التي تمارسها.
إذ هي أصبحت منذ الغزو الأميركي لأفغانستان قاعدة من دون قاعدة جغرافية لها. وهي في الفكر الذي يؤسس لخطابها تعتمد التكفير بدل التفكير. أما استراتيجية المواجهة مع الاستكبار العالمي وتوابعه من الأنظمة الإقليمية، فإنها بموازين القوى مهمة مستحيلة. أما تكتيكات العمليات الارهابية ضد المدنيين في أميركا وأوروبا والمنطقة دون رصاصة واحدة على الاحتلال الاسرائيلي، فإنها ألحقت الأذى بالعرب والمسلمين مادياً وبشرياً وسياسياً. فضلاً عن الافتقاد الى برنامج حقيقي للسلطة في عصر العولمة الاقتصادية وثورة الاتصالات والتحرر السياسي، اذ كل ما تريده القاعدة هو العودة الى الماضي عبر استبداد آخر وثقافة الغاء وتحجر.
وليس هذا مستقبل العرب والمسلمين الذي يتقرر اليوم في الشارع عبر الثورات والانتفاضات.. فالأنظمة تفقد شرعيتها في الشارع، وإن بقيت موقتاً في السلطة. والمنظمات الارهابية خسرت ما تسميه مشروعيتها حين اندفع الشباب الى الشارع للمطالبة بالحرية والدولة المدنية وحقوق الانسان والجمع بين الوطنية والديمقراطية. أما الانتفاضات والثورات الشعبية السلمية، فإنها حققت في أسابيع ما لم تحققه الأحزاب خلال عقود. وليس فقط ما لم تستطع المنظمات الارهابية القيام به وما لم تكن مؤهلة لفعله أصلاً.
(الدستور)