لشح الموارد مزايا وإيجابيات!!.. مقولة قد يستغربها الكثيرون، لكن من يعيش في خضم هذه الحياة بدروبها وفصولها المتعددة يتعلم بأن لا يستغرب من أي شيء أو من أي حدث في هذه الدنيا الواسعة.. فقد أثبتت التجارب الحياتية بأن الحرمان من بعض الموارد قد ينمي لدى الفرد سمات مهمة كالتحدي والقوة والصبر والإبداع؛ كما ويساهم في تربية النفوس وتهذيبها عن طريق تحديد وتقنين مدى إستهلاكنا للموارد من حولنا!.
أهلنا وأجدادنا السابقون كانوا قد ضربوا لنا أروع الأمثال في كيفية التعامل مع كافة الموارد الموجودة بالرغم من شُحها في تلك الأوقات.. فقد كانوا يتمتعون بصحة وحيوية أفضل بكثير من التي نراها في يومنا الحالي.. حتى وجباتهم الغذائية البسيطة قد أصبح العلم الحديث يحث على العودة إليها نظراً لإحتوائها على أهم العناصر الغذائية المفيدة لصحة الإنسان.
إن المراقب للوضع الإجتماعي والإقتصادي العام في المجتمع يجد أن لشح الموارد مزايا وصور تتجلى أبرزها في القرى والأرياف والبوادي... فهي تجعل من أبنائها أكثر تقبلاً وإقبالاً على الحياة بشكل عام... ففي بعض القرى التي بالكاد يستطيع أفرادها الحصول على أكثر من قوتهم اليومي تستعجب حينما تتعامل مع أصغر طفل فيهم!!!... فالأطفال هناك أذكياء فطرياً بدرجة عالية وملفتة، كما ونجدهم متحدثون جريئون وفيهم مرح لطيف إضافة الى النظرة المتفائلة للغد.. بل ولديهم القدرة الفائقة على إختيار أحلامهم المستقبلية بوضوح... وذلك لأنه عندما ينقصك الشيء فإنك لا شعورياً تبدأ بالبحث عن البدائل والحلول الموجودة على أرض الواقع!!.
في البوادي والأرياف الأردنية الطيبة نادراً ما نجد الشباب يتسكعون في المراكز والمحلات التجارية، كما ولا نراهم ينتشرون في الشوارع لساعات متأخرة من الليل... ونادراً ما نجد شبابا لا يحاولون البحث عن عمل أو حتى يعملون من أجل كسب قوتهم اليومي.. فهذه القرى البسيطة الطيبة قد قامت وينبت بسواعد أبنائها... كما وإكتفت في حالات الشدة بمواردها الطبيعية المحدودة وصناعاتها المحلية البسيطة عن الإعتماد على البضائع المستوردة.. وهذه تعتبر من أهم مزايا شُح الموارد، بحيث تجعل الفرد ينظر للمستقبل وتقلباته بشكل عملي.
السنن الكونية جميعها تدعو الى الاعتدال في طريقة استخدامنا لكافة مواردنا سواء الطبيعية أو الإنسانية منها، كما وتدعو أيضاً إلى التدرج.. لذا فإنه من واجبنا كأهل أن نعلم أبناءنا كيفية الحصول على ما يريدونه ويتمنونه في الحياة، بشرط أن لا يكون ذلك دفعة واحدة، بل بالتدريج من الأقل للأكثر، لأن ذلك يعلمهم في حياتهم أن يصبروا ويجتهدوا حتى يحصلوا على ما يحلمون به!!...
Diana-nimri@hotmail.com
(الرأي)