في وداع الرئيس الأسبق زيد الرفاعي
علي القيسي
13-08-2024 01:11 PM
رحل الرجل الدبلوماسي والسياسي المخضرم عن هذه الفانية ، رحل زيد الرفاعي أبو سمير ، الرئيس الفذ والمخلص والوفي والانسان الحكيم، رحل عنا وفي قلبه محبة للأردن شعبا ووطنا وقيادة، ولعمان المدينة العاصمة محبة خاصة إذ عندما كان يغيب عنها في أسفاره العملية ويعود كان يقول لنا عندما نستقبله في المطار:- عمان أجمل العواصم، فلا أجد الراحة إلا في ربوعها وبين أهلها من الأصحاب والأحباب .
رحل رئيس الوزراء الأسبق أبو سمير بعد معاناة من المرض حيث كان شجاعا صابرا محتسبا ومؤمنا بالنهاية ، لقد خدمت بمعيته فترة طويلة من السنوات ، فترة كانت من أجمل أيام حياتي الشبابية ، وتنقلت معه في مواقع عدة ، في رئاسة الوزراء ،ومجلس الأعيان
وعند اعتزاله السياسة بقيت مرافقا له ، في زياراته الكثيرة وذهابه وأيابه ، وفي بيته العامر ، لقد كان أباسمير شخصية مشابهة لشخصية جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه ، في الأخلاق والانسانية والسياسة والفكر ، كان صادقا ووفيا وكريما وبعيد الرؤية والنظر في اتخاذه القرارات أثناء تسلمه لرئاسة الحكومة .
فقد عاش وتتلمذ وتعلم في مدرسة الهاشميين، وتعلم منهم الحكمة والتسامح وإغاثة الملهوف وحسن الخلق ونقاء السريرة.
دولة أبو سمير زيد الرفاعي، لا يستطيع أي شخص معرفته جيدا إلاّ من رافقه وصادقه وعاش بمعيته، فالرجل صاحب كريزما متميزة ، يتميز بعمله بالنظام والانضباط والجد والعقلانية واحترام الوقت واحترام الناس .
فكثيرة هي المواقف التي كنت أراه فيها نعم الرجل ونعم المسؤول ونعم الانسان، فكان يعطف ويساعد الكثير من الناس الذين يأمون بيته في جبل عمان ، يطلبون المساعدة في مظلمة تعرضوا لها ، أو في مساعدة لادخال مريض مستشفى حكومي للمعالجة، أو مساعدة مالية لفقراء ضاقت بهم الحياة والمعيشة ، أو لطالب علم لم يقدر يدفع رسوم الجامعة ، وكان المرحوم ابو سمير يتبرع للجمعيات الخيرية ، والمراكز الصحية الأهلية ، ولصندوق الايتام ، كان كبيرا لاينظر إلى توافه الأمور وصغائرها، ولا يسمع كلام النميمة والاتهامات والشكاوى الكيدية من المسؤوليين والموظفين الكبار ضد بعضهم ، وكان يعرف كل صغيرة وكبيرة في المجتمع الأردني ، وفي الدوائر والمؤسسات الحكومية، وكان رجل قانون وإدارة وسياسة واقتصاد ، ويقدر أحوال الناس والضغوط المعيشية والاقتصادية التي تمر بها البلد في ظروف الأزمات الخارجية والدولية والاقليمية.
كان يطّلع على بريده الشخصي يوميا، فتأتيه رسائل كثيرة، ويرد على بعضها وهي الرسائل المهمة من المواطنين، وكان هناك رسائل عاجلة ومسجلة، وأذكر ذات يوم طلبني على الهاتف يوم جمعة، وكنت في عطلة، وقال :- (يا اخ علي هل تحب عمل الخير ) فأجبت طبعا نعم، فقال: هناك عائلة في المفرق بحاجة ماسة للمساعدة الفورية تضرر منزلهم من جراء الأمطار واثاثهم وفراشهم تضرر كثيرا وهم في العراء بجانب إحدى الغرف التي لم تدخلها المياة، وبحاجة لمساعدة فخذ لهم حرامات وطعام ونقود وتوجه فورا إليهم وهذا العنوان،
نعم فالرجل لديه حس انساني وشعور بالمسؤولية عال ، وهناك مناقب وشمائل وصفات لا أستطيع بهذه العجالة ذكرها.
رحم الله الفقيد الغالي واسكنه فسيح جناته.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.