الحسين بين الرمزية والتداعيات الإقليمية !
د. حازم قشوع
12-08-2024 02:46 PM
بين استعراض قوة استراتيجية ايرانية اسرائيلية من الناحية العسكرية، وتهديد ووعيد إسرائيلي إيراني في الناحية السياسية، تعيش المنطقة العربية حالة غريبة الأطوار تتحدث فيها بصوت عالٍ وأحيانا صاخب "ايران واسرائيل" بينما يصمت النظام العربي وكأن الموضوع لا يعنيه إلا من بعيد حيث تكتفي بعض الدول أحيانا بدور الوساطة اذا تتطلب الأمر وتقوم بدور الاغاثة -هذا اذا سمح لها بذلك-، بينما تصطف البوارج الامريكية على كامل الحدود البحرية الاسرائيلية لردع الهجمة الايرانية القادمة التي من منظور عسكري باتت وشيكة.
وتفترض الولايات المتحدة من الجميع إن لم تكن تفرض على الجميع الدفاع عن اسرائيل الغارقة بوحل نتنياهو والتي تقوم كل يوم بانتهاك كل القوانين والأعراف القيمية وتعمل على تجويع وقتل الشعب الفلسطيني بطريقة عنجهية، لا بل وتذعن بمخططاتها الكامنة لتهجير الفلسطينيين إلى خارج حدود فلسطين التاريخية متذرعة احياناً بحماس واحياناً اخرى بفساد السلطة، وهذا ما جعل كل المتابعين والمراقبين على حدٍ سواء يتساءلون ما الذي يحدث لهذه الأمة، وهل هانت عليها نفسها الى الحد الذي باتت فيه غير قادرةٍ حتى على الكلام وتنعت المقاومة الفلسطينية بوصفها الإرهابية على لسان بعض القنوات الناطقة بالعربية بدعوى لزوم الحيادية ؟!.
أدرك تماما ان الاردن ليس بالدولة القوية التي تمتلك ثروات بشرية أو طبيعية، كما اعلم عِلم اليقين ان الاردن لا يمتلك مخزونا استراتيجيا نوويا ولا رافداً يمكن أن يحميه من رواسب الهزات إذا اندلعت مواجهة إقليمية، لكن ما أريد بيانه عبر هذه المداخلة ان الاردن هو العرب وهو رسالتهم وإن غابت عنه جغرافيتها، والاردن هو حال لسان الأمة كما يمثل الشعب الاردني صوتها وان صمت جميع من حوله، فالأردن كما كان دائما ينوب عنها ويحمل رأيتها سيبقى ما بقي الأردن يقوم بشرفية هذا الدور السياسي وان لزم الامر الميداني في وقف كل صوت عند حدهِ مهما كان لبؤسه أو تعمق في الكيان الاسرائيلي شأنه أو جاء من اي مكان او صدر عن أية جهة.
ويجب على الجميع ... أقول على الجميع أن يعلم أن النظام الهاشمي عند كل الاردنيين لا يُعتبر نظام سياسي فحسب، بل يُعتبر ركنا أساسيا تقوم عليه الوحدة الوطنية وأن أي مساس بالوحدة الوطنية هو مساس في الاردن الكيان والوجود، كما هو مساس بعقيدة الأردن الوطنية ورسالته التاريخية.
فالملكية عند الشعب الاردني هي محط إجماع وما يمثل "الحسين" برمزيته هو استمرار لبقاء موروثه التاريخي الذي كان حاضراً منذ قيامه نوح وسيبقى موجوداً حتى قيامة المسيح، فهو من نسل الكعبة منسول ومن فضاء القدس مجبول ليبقى مخلداً ومصون لا ينال منه صغير أو يطوله كبير كونه فوق الكبائر ولا يرى صغائر الأمور الصادرة عن تيارٍ مهزوم يقبع على هامش التاريخ، فهو نكرة مسماه ومستنكرة ما سولت له نفسه بفعلته الصادرة عن شرذمة في تل أبيب لا تدرك معنى وقيمة النظام الهاشمي والحسين.