ربيحات يكتب: سياحة دوت كوم
د. صبري ربيحات
12-08-2024 12:32 AM
قبل سنوات كنا بصحبة حكومة الملقي التي زارت الطفيلة لبحث واقعها الاقتصادي والتنموي للخروج بحلول تساعدنا على الخروج من عنق الزجاجة ..كان اللقاء حميميا وكان الرئيس قريبا من قلوب الناس وقد سمع الناس وعودا تحقق بعضها وبقي بعضها الاخر معلقا.
بعد انتهاء اللقاء دعي الفريق الوزاري الى مأدبة غداء اقامها المرحوم إبراهيم الحناقطة وفريق اعمار الطفيلة في اجمل المواقع الخلابة في المحافظة ...لقد التقينا جميعا في مخيم لحظة السياحي الذي اقامه احد المتقاعدين العسكريين من ابناء بلدة بصيرا...لقد كان سميح عيال سلمان السعودي موضع اهتمام الجميع وقد شكره الفريق الوزاري وشكرناه جميعا على اختيار هذه النقطة المطلة على وادي عربة والاغوار والمشرفة على اجزاء من محمية ضانا والموازية لعشرات الجبال المتدلية نحو الاغوار على مد النظر شمالا وصولا الى جبال الكرك...
لقد حلم سميح ومعه العشرات من الاردنيين الذين ارسوا مشروعات سياحية بنهضة تقودها المؤسسات وتحفزها خطط التنمية والتطوير السياحي التي تقدم عروضا في الورشات والمؤتمرات تبهر المستمع والمتابع دون أن تترك أثرا على الارض.
منذ اسابيع حضر بعض المسؤولين الأتراك من قطاع السياحة لمقابلة اداراتنا السياحية وزاروا وتحدثوا ولا اظن ان شيئا تحقق على أرض الواقع...
اليوم توقفت في المخيم السياحي الذي كان مليئا بالبهجة والأمل والطموح وتحدثت مع صاحب المخيم ومع الاستاذ احمد سميح الذي يحاول تطوير المكان والتواصل مع كل من يمكن ان يغريه امضاء يوم في أحضان الطبيعة الساحرة .
لقد احزنني ان الزمن قد توقف وان السياحة تلفظ أنفاسها الاخيرة في المحمية التي اجتهد كل من أنيس المعشر ونورالدين شفيق وبذلا كل جهد ممكن لاقناعنا بأن الارض ستعوض أهلها ذهبا .
المؤسف ان اخر عهدهم بالسواح كان قبل أحداث غزة وأنهم ينتظروا وصول المياه والكهرباء الى مخيماتهم...وهم بانتظار ان يصلهم الوزير ليحل بعضا من مشاكلهم.
يظن البعض بما فيهم من يتولون شؤون التخطيط والتنفيذ لسياسات وبرامج الترويج السياحي انا عملهم واهتمامهم لا يعني الفقراء ولا يهتمون له فيوجهون اهتمامهم الى الطبقات والشرائح الميسورة باعتبارهم الاقدر على توفير الوقت للسفر والانفاق و شراء الخدمات.
هذا التصور كان ولا يزال وراء معظم الإفتراضات التي تبنى عليها الاستثمارات السياحية في البلدان الفقيرة ومحدودة الموارد ومنها الاردن .
في بلادنا يوجد صعوبة في إستخدام مواصلات عامة للوصول الى المرافق والمقاصد السياحية وترتفع اسعار الإقامة في الفنادق ولا تعتني الدولة بايجاد مرافق صحية نظيفة خارج الفنادق والمطاعم المصنفة تصنيفا عاليا .
بالمقابل تشجع الكثير من بلدان العالم انشاء المدن والمخيمات والمرافق السياحية لاستقطاب سياحة الشباب وكبار السن والمجموعات الكشفية والعائلات متوسطة ومحدودة الدخل ممن يرغبون في الاستكشاف والاستمتاع والترفيه دون الحاجة الى أنفاق مبالغ خيالية على الخدمات السياحية باهضة التكاليف.
في كافة ارجاء العالم تزداد اعداد الفئات والشرائح الاجتماعية التي ترغب في السفر مع انها لا تملك الموارد التي تؤهلها للانفاق على السياحة المعروضة بأسعار خيالية الآمر الذي يدفعها للبحث عن مقاصد سياحية تقدم خدماتها بكلف معقولة .
من غير المعقول ان يصل معدل كلفة الليلة السياحية في الاردن الى اكثر من ٢٠٠ دولار في الوقت الذي يستطيع فيه الفرد ان يسافر الى بلدان غير بعيدة كنصر وتركيا ويمضي ايام وأسابيع بكلفة تقل عن نصف ما يمكن ان ينفقه في بلدنا.
السياسات السياحية لا تقتصر على تسجيل موقع ما او طبق طعام في سجل التراث العالمي كما انها اكثر من دعوة المؤثرين ونشر البوسترات في صحف وأسواق بعض البلدان لنقول لهم ان لدينا هذه المواقع وأننا نرحب بكم
السياحة تجربة وان لم تكن ممتعة ومعقوله وفي متناول ايدي الناس فلن يأتوا وان جاءوا وشعرها بانهم غبنوا فلن يعودوا ولن يشجعوا غيرهم بأن يأتوا .
في العالم اليوم تزدهر سياحة الفقراء والفقر بشكل لافت فضمن فكرة وتصور تنويع المنتج السياحي يجري انشاء وتطوير وترميم القرى والمخيمات وحتى مدن الصفيح ليأتي لها السواح ويختبرون العيش فيها بتكليف معقولة
سياحة ال Poorism افضل واجد ويستفيد منها الفقراء اكثر من شركات الاستثمار الكبرى التي تملك الفنادق وأساطيل النقل والمطاعم السياحية الكبرى . في سياحة الفقر والفقراء يتولى الفقراء تقديم الطعام وخدمات الضيافة وادارة النزل والدلالة السياحية .
نعم انها زيارة الفقراء للفقراء وتفاعل أفقي بين شرائح اجتماعية ترغب في التفاعل والتبادل الثقافي بعيدا عن شروط ومسارات ضيافة الخمسة نجوم التي تديرها الشركات العالمية الكبرى ووكلاءهم