نمت أرباح النصف الأول للبنوك الأردنية من 612 مليون دينار عام 2023 إلى 732 مليون دينار هذا العام، أي بحوالي 20%.
للوهلة الأولى، تظهر هذه الأرقام استمرارا في نمو أرباح البنوك الأردنية، رغم التباطؤ الذي يشهده الاقتصاد، والظروف السياسية الحرجة في المنطقة.
إلا أن التمحيص في النتائج الفردية للبنوك، يظهر صورة مغايرة، ويقود لاستنتاجات مختلفة.
إذ أن الجزء الأبرز من نمو الأرباح تأتى من أنشطة البنوك خارج المملكة، وتحديدا سوق العراق، وهو ما جسدته بوضوح أرباح بنك المال الأردني والبنك الأردني الكويتي، والتي نمت ب 40% و85% على التوالي.
ذات الأمر ينطبق إلى حد ما على البنك العربي، صاحب الشبكة الأوسع من الفروع والاستثمارات الخارجية، والذي نمت أرباحه بمعدل 25% على أساس سنوي.
وقد فاقت أرباح البنوك من الخارج "بمراحل" ما شهدته تسهيلات البنوك الأردنية في الضفة الغربية من تراجع في الأداء وارتفاع في مخصصات التعثر نتيجة التطورات السياسية والعسكرية هناك.
بالمقابل، لم تحقق البنوك الأردنية نموا في الأرباح ذات المصدر المحلي خلال الستة أشهر الأولى من العام 2024.
وبالتحديد، شهدت أرباح البنوك الأكثر تركزا في قطاع الأفراد تراجعا ملحوظا، مرده بشكل أساسي انخفاض هامش الفائدة بين الودائع والقروض، وارتفاع مخصصات الخسائر الائتمانية المتوقعة.
وقد جسدت بيانات بنك الإسكان حجم تراجع هامش الفائدة محليا. فعلى الرغم من توسع البنك بالإقراض بحوالي 250 مليون دينار، لم تشهد أرباحه المتأتية من الفوائد أي ارتفاع.
من جهة أخرى، شكل تراجع أرباح بنك القاهرة عمان وبنك الاتحاد مؤشرا واضحا على تراجع ربحية وأداء قروض الأفراد، نتيجة ارتفاع أعباء الفائدة وحالة الركود الاقتصادي التي تشهدها البلاد.
الاستمرار بالاتجاه الحالي، بالتزامن مع توقعات انخفاض الفائدة عالميا ومحليا، سيزيد من الضغوط على ربحية البنوك.
فهذه التوقعات تعني بدء البنوك فعليا بتخفيض الفائدة بهدف الحفاظ على نموها وحصتها السوقية، خصوصا وأن الكثير من العملاء قد يؤجلون قرار الاقتراض إلى أن تنخفض الفوائد بحسب التنبؤات.
صحيح أن انخفاض الفائدة ليس خبرا سارا للبنوك بشكل عام، ولكنه في الأردن تحديدا سيساهم في إنعاش قطاع الافراد المنهك، وقطاع الإنشاءات المنكمش في الربع الأول، والذي يعاني جمودا في مستويات الإقراض منذ بداية العام 2023.
من المتوقع أن تسبق البنوك الأردنية البنك المركزي في تخفيض الفائدة هذا العام.