facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




في باب التفكير خارج الصندوق


اللواء محمد البدارين
10-08-2024 08:54 PM

لا يحتاج المرء في الاردن ، لاستعمال ملكات الحفظ والاسترجاع ، لكي يستظهر محتويات الخطابات السائدة في البلاد ، فهذه المحتويات بكل اتجاهاتها المتفرنجة وغير المتفرنجة ، منفوخة بمفاهيم ومصطلحات ولوازم ، تتكرر كل يوم على المستويين الرسمي وغير الرسمي ، بدون اي التزام ، وبدون ضرورة في معظم الاحيان ، ويظل المفهوم او المصطلح قابلا للتداول والتكرار والاجترار ، حتى يتحول الى كلاشيه مجوّف عديم القيمة والتأثير ، وهكذا تموت الكلمات ، وتكف الحواس عن القيام بوظائفها الطبيعية.

وفي هذا الباب ، تقع العديد من المفاهيم المستعملة ، ومنها مفهوم ( التفكير خارج الصندوق ) المخصص لاظهار الناطق به على هيئة مفكر كبير ، وهو مفهوم مترجم بشكل حرفي ومنتشر في الأوساط العامة بشكل واسع النطاق ، ويعتبر استعماله بداع أو بلا داع علامة تقدمية للمتكلم ، والناس في بلادنا عموما يحفظون قهريا الكثير من المصطلحات والمفاهيم المجوّفة ، التي جرى استخدامها سابقا ، أو تلك التي يجري استعمالها حاليا بشكل عشوائي ومكثف وتعسفي ، من قبل معظم المتكلمين والمتكلمات و المتحذلقين و المتحذلقات.

على أن كل من هو على صلة بالواقع الفعلي في الاردن والدول العشرين الشقيقة ، يعرف جيدا ، أن حاجة هذه البلاد الماسّة هي للتفكير في البديهيات ، أو للتفكير في داخل الصندوق لا خارجه ، وفي قلبه بالتحديد ، ذلك ان كل مشاكل الحياة الحقيقية في بلادنا ، تقع في باب الأولويات البديهية والاساسيات ، الوارد ذكرها في المستويين الأول والثاني من هرم ماسلو ، ومثل هذه الأولويات لا تحتاج للتفلسف الزائد ، ولا للاستعانة بـمذاهب فكرية تقدمية أو رجعية مستجلبة من الخارج أو من الماضي ولا من الوهم والمجازات والخيالات ، ولا تحتاج للهروب إلى الأمام ولا إلى الخلف ، فهي تحتاج فقط للاستعمال الفطري التلقائي للبديهة الإنسانية السليمة الموهوبة للإنسان مجانا ، فمن خلالها يمكن التعرف بصورة طبيعية على ما يهم الناس وأحوالهم ، وحل مشاكلهم ، بما يشبه تقريبا التعرف على الجهات الأربع.

وهذا بالطبع ، طريق يتسم بالبساطة المفرطة ، لكنه بالطبع أصعب ، فالبساطة ليست سهلة ، أما ما هو سهل جدا فهو القفز المفاهيمي خارج الصندوق وخارج الذات وخارج حركة الواقع الحقيقي ، وبعيدا عن جهة القلب ، والإكثار من استخدام الحيل المفاهيمية واللغوية والبلاغية والرقمية ، لسد الفراغات الفاضحة واشغال المساحات المخصصة للفعل بسخيف القول والخطب ، وبمرور الزمن قد ينتج عن ذلك عمليات تخليط يومية بين الأشباه والمتشابهات والمشاكل والتحديات ، بما يخلق فرصا غنية للسخرية والنكتة ، ومثل هذا النوع من الأدب الشفوي العميق ظاهرة دخيلة على مجتمعنا ، ككل شيء لا نحب الاعتراف به فنسميه دخيلا .

في الاردن ، وسواه من بلداننا ، لا داعي للاستمرار بالمكر على الذات ، فالاحتياجات والمشاكل والتحديات ، تقع كلها في باب الاساسيات ، وحلها أو مواجهتها يقع في باب البديهيات ، والاساسيات والبديهيات ، لا تحتاج للشرح ، الا اذا صحّ في حالتنا قول القائل : فليس يصح في الافهام شيء.. اذا احتاج النهار إلى دليل.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :