عندما نقرأ في الأوراق النقاشية لجلالة الملك خصوصا الورقة الثالثة المعنونة بـــ"تطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين" نجد أن جلالته يوجه البرلمان إلى أن يكون شريك حقيقي في تشكيل الحكومات والفريق الوزاري بالرغم أن الممارسة السياسية تاريخيا في الأردن اعتمدت على أساس المزايا القيادية والخبرات العلمية والعملية ، كما يؤكد جلالته على أهمية المشاركة الشبابية ومساهمتهم البناءة في كافة مناحي الحياة السياسية والإجتماعية والثقافية وتمكينهم من إبداء الرأي وقبول الرأي الأخر ضمن أسس الإحترام والمروءة والمواطنة الفاعلة.
من هنا أجد أنه لا بد من الإشارة إلى وزيرة الثقافة الأردنية معالي السيدة هيفاء النجار التي كان تسلمها لمنصب وزيرة الثقافة تكليفا لا تشريفا حين التقيتها للمرة الأولى في اجتماع للهيئات الثقافية في مديرية ثقافة الزرقاء ، حيث بدأت حديثها بضرورة التركيز على النوع لا على الكم في العمل الثقافي وان العمل الثقافي يحتاج إلى تكريس الوقت والجهد من أجل خدمة المجتمع مع تأكيدها إلى ضرورة الإستثمار في الطاقات الشبابية الجيل الذي سيبني غد الأردن ، ووسط ترحيب كبير بها قالت "أنا ابنة الزرقاء .. مدينة الجيش .. مدينة الجند والعسكر .. ووالدي كان في الجيش" وفي الوقت ذاته كانت تكتب الملاحظات والإحتياجات التي قد يعاني منها القطاع الثقافي مؤكدة على أن تكون الإحتياجات تخدم الصالح العام ، وما لفتني حينها حضورها بالثوب الأردني او الدشداش الذي يمثل جزء من الهوية الوطنية وتاريخ نساء هذا الوطن ليس ذلك فقط بل تكرارها للثوب ذاته وفي عدة مناسبات وطنية وثقافية في مديريات الثقافة من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب ما هو إلا رسالة ثقافية تؤديها وزيرة الثقافة باحتراف التأكيد على الهوية الثقافية اللامادية والأصيلة وأنها لم تنسى طعم الكرز خلافا " لقصة الكرز المنسي" التي درستها في مهارات الإتصال في الثانوية العامة بعيدة عن البذخ والتكلف قريبة من أبناء وبنات هذ الوطن، بل إن معالي هيفاء النجار سيدة أردنية تعتز بهويتنا الأردنية وتؤكد في كل مناسبة حبها للوطن وأننا مهما اختلفنا في الرأي فإننا نظل في الوطن كرماء أعزاء.
وهنا أستذكر مقابلتها على التلفزيون الأردني عندما تحدثت بصوت الأم والجدة والمعلمة التربوية قبل الوزيرة وكيف تربي وتنمي في أحفادها حب القراءة وهي تقرأ لهم عبر منصات التواصل الإجتماعي القصص ،إيمانا منها بضرورة الإرتكاز على القراءة كمحور أساسي للتعلم والمعرفة والعلوم والآداب وتكوين مخزون ثقافي يؤسس عليه ورسالة واضحة بأهمية اللغة العربية التي نتحدث بها وضرورة اتقانها.
وهنا أذكر مقولة لأستاذي في الجامعة "عبدالناصر طبيشات" حينها كنت في السنة الأولى في جامعة اليرموك قسم الصحافة والإعلام وأدرس مساق "مبادئ في علم الإتصال" وفي إحدى المحاضرات قال "أن للصحفي عين ثالثة يرى من خلالها الأشياء" لتأتي السيدة هيفاء النجار وتثير الحس الصحفي لدي وتوقظ عيني الثالثة بعد غفوتها، حيث مهرجان جرش بدورته السابعة والثلاثين تجدها في موقع المهرجان الأثري في جرش وفي المركز الثقافي والملكي أينما التفتت تجدها حاضرة في الميدان وعلى شاشات التلفاز مبتسمة وتدير المشهد الثقافي بكل حرفية ومحبة وعطاء تسلم على الجميع وتصغي لمن حولها بلا استثناء أو تعب وملل.
لأعود الى أوراق جلالة الملك النقاشية للعنوان ذاته والتي يؤكد فيها جلالة الملك على أن الشعب الأردني يستحق وزراء وموظفين عامين يعملون في الميدان بكفاءة ومحبة وجهد وإخلاص وهنا رأيت السيدة هيفاء النجار تترجم رسالة الملك من خلال توليها لمنصب وزيرة الثقافة الأردنية بأعلى مستويات المهنية والموضوعية ودعمها للمثقفين والبرامج الثقافية الأدبية والفنية على كل المستويات.