إن الإنسان مخلوق له طبيعة خاصة فهو مقسوم بين النفس والروح ولكل منهما غذاؤه الخاص الذي يقتات به، فالروح سماوية غذاؤها مرتبط بكل ما هو سماوي، أما الجسد فأصله التراب وغذاؤه الطعام والشراب.
والأصل في تكوين الجسد أن يأكل الإنسان ليعيش ولا يعيش ليأكل، وعلى الإنسان أن يأكل قدر حاجته، فقلة الطعام مشكلة وكثرته مشكلة أكبر، وتعتبر التخمة أم المشاكل الصحية ومن أسباب الأمراض المختلفة، فثلث المعدة للطعام وثلثه الآخر للشراب وثلثه الأخير للهواء.
أما الروح تلك السر الرباني، وكونها مرتبطة بملكوت سماوي وليس أرضي فغذاؤها مرتبط بما يسموا بها ويهدئ من روعها، ولدينا كمسلمين غذاء وضعه خالق الروح، حيث تعتبر قراءة القرآن الكريم أو الاستماع لتلاوته وخصوصا اذا ما قرأنا بخشوع وتمعن واذا ما كان صوت القارىء هادئا ومريحا للأعصاب من الأسباب المباشرة لسمو الروح والتحليق بها بملكوت الله.
ولدى الغرب وغير المسلمين ومتذوقي الفن تعتبر الموسيقى وخصوصا الكلاسيكية الهادئة أيضا مصدرا لراحة الروح.
وبعض البشر ممن يعشق الشعر وخصوصا المحكم المعبر ممن ترتاح له الروح وتنتعش بسماعه وقراءته. وكذلك الرسم والتصوير والنحت والفنون الإبداعية بكافة أشكالها والرياضة وبعض اشكال الابداع غذاءا للروح.
ويعتبر النظر إلى الطبيعة الخلابة والماء الجاري أو الراكد من أسباب راحة النفس وهدوئها، بل والجلوس بأجواء عائلية إيجابية مدعاة لذلك.
أما الحب والشعور الحقيقي به بغض النظر عن نوعه: حب الاولاد أو الزوج أو الوطن أو الرموز القيادية من أسباب التحفيز العاطفي والشعور براحة البال.
إن منغصات الحياة المختلفة بما فيها متطلباتها و أجواء العمل من أسباب الراحة النفسية أو حزنها.
فعلينا أن نتحرى ما يريحنا ويهدي أنفسنا ونبتعد عن تلك المنغصات التي كثرت في هذه الأيام للحفاظ على ما تبقى لنا من أسباب السعادة والراحة النفسية.
وفي الختام كن جميلا ترى الوجود جميلا، فالأساس لذلك كله نابع من أعماقنا.